لا يختلف البحرينيون على حب وطنهم وانتمائهم إليه، وفي الفترة الأخيرة طرح «التقرير الاستراتيجي البحريني» الذي صدر عن مركز البحرين للدراسات والبحوث «مستقبل الهوية للدولة» وذلك بعد أن أظهرت الإحصاءات الرسمية أن عدد سكان البحرين أصبح يفوق المليون نسمة، وأن البحرينيين يمثلون نصف هذا العدد، ويتوقع أن يقل عدد البحرينيين عن النصف مع نهاية هذا العام.

ومن هذا المنطلق، فإن البحرين أصبحت الآن مثل معظم الدول الخليجية الأخرى، بأكبر كتلة بشرية ذات خلفية ثقافية موحدة ستكون للهنود الذين وصل عددهم في البحرين إلى 290 ألف نسمة (بحسب تصريح للسفارة الهندية الأسبوع الماضي)، وسيزداد عددهم أكثر من ذلك خلال الفترة المقبلة. ولقد تحولت أحياء العاصمة القديمة إلى «هند» مصغرة، كما تحولت أحياء أخرى إلى جنسيات مختلفة، وأصبحت اللغة العربية غير معمول بها في أماكن عديدة، وحتى اللافتات على المحلات تكتب بلغة أجنبية (ليس فقط الإنجليزية وإنما لغات أخرى أيضا)، وإذا كتبت باللغة العربية فإنها ركيكة وتتضمن أخطاء واضحة في كثير من الأحيان.

إننا بحاجة إلى النظر إلى فكرة الهوية الوطنية ورمزيتها واستعراضاتها التقليدية ومناسباتها التي توحي بمحتواها ومضمونها. فالبحرين لديها تاريخ ناصع، وعرف عنها الكثير من خصائصها، وارتبط اسمها باللؤلؤ، وأطلق عليها في فترة سابقة «لؤلؤة الخليج العربي»، ومثل باب البحرين، و «الفرضة»، وهذه المعالم كانت تحمل المعاني الكثيرة التي تميزت بها عاصمتنا في فترات سابقة.

قد نجد صعوبة في شرح هويتنا إلى أطفالنا لو أردنا أن نحدد معالم معينة... فما يرونه من أسواق متطورة إنما هي نسخة من أوروبا أو أميركا، أو أنها أصبحت وكأنها أحياء آسيوية فقيرة، ومعالم البحرين التقليدية اختفت في مجملها تقريبا، ولكن البلاد ليست معالم في البناء والطبيعة فقط، وإنما هي شعب وتاريخ وأصل، وتطلع إلى المستقبل. وفي هذا المجال، لدينا التاريخ ولدينا الأصل ونتطلع إلى المستقبل حاملين آمالا كبيرة بأن نعيد إنتاج أصالتنا العربية الإسلامية، وطيبتنا وتنوعنا وقبولنا لبعضنا الآخر في عالم متطور، وضمن سياق يحفظ سيادة بلادنا تحت قيادتها الدستورية الشرعية، ويحفظ كرامتنا كمواطنين نستظل بعدالة القانون الذي يعاملنا على أساس المساواة.