العدد 2131 - الأحد 06 يوليو 2008م الموافق 02 رجب 1429هـ

شـمـس البحــرين تشــرق خـارجـــها!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

إن الحديث عن كون البحرين «طاردة للكفاءات الدولية» ومتواضعة في قدراتها الاستقطابية بالمقارنة مع غيرها من الدول المجاورة وذلك على رغم ما يبذل من جهد مبارك من أعلى المستويات إنما هو حديث بائت وبائخ ومبتذل بلا طعم ولا رائحة ولا نكهة، فقد انتهت صلاحيته كحديث شئون وشجون وأصبح حديث أشباح، وبات من المناسب والموفق أن ننحى صوب اعتبار البحرين بلدا طاردا للكفاءات المحلية أو طاردا لأبنائه الأكفاء والمبدعين في شتى المجالات المحلية!

والأمر في ذلك المقام لا يقتصر على إحراز شهادات وجوائز وتقديرات عليا أو على نبوغ فكري وفني بين البحرينيين أكثر عن كونه اختناقا وإحباطا ويأسا معنويا فادحا جراء تناشز ونفور بين العناصر والكوادر البحرينية الكفوءة والنابغة والمبدعة من جهة وواقع البيئة المؤسساتية البحرينية غير الصحية بالمَّرة!

ومثل هذا النشوز والهجرة زمكانيا أو إعلاميا - فضائيا من قبل الكوادر البحرينية إلى الدول الغربية أو الدول الخليجية المجاورة لم يعد حدثا مستجدا ولم يقتصر على علماء وأطباء وأكاديميين، بل شمل أيضا كبار الفنانين ومنهم المطربون الشعبيون وأبرز المؤرخين والمؤرشفين والمختصين بالتراث والثقافة الشعبية البحرينية، فيكفيك فقط أن تشاهد مثلا القناة الفضائية القطرية ببرامجها المميزة، وأن تتابع حلقات برنامج التراث الغنائي الشعبي الذي يقدمه «الثروة البحرينية القومية في مجال الثقافة والتراث الشعبي» أحمد الفردان ولتنتشي بالتدفق الإبداعي السلس لعدد من كبار المغنين البحرينيين من بينهم الفنان القدير راشد زويد ابن الراحل الكبير الفنان محمد زويد (رحمه الله)، فيهنأ بذلك مثقفو ومبدعو البحرين على ما لقوه من ضيافة كريمة واحتضان دافئ وتقدير عالٍ لم يكن لهم أن يواجهوه في وطنهم الأم، وليشكر الأشقاء القطريون على حسن اهتمامهم بهذه الكوادر والكفاءات التي لم تقدر بحرينيا ولم تعرف لها من قيمة ولم تستوعب بحرينيا أيضا، وحينها سيعرف المشاهد كيف أن شمس البحرين تشرق خارجها!

لقد ذكرتني المساعي والجهود القياسية القطرية لاجتذاب عمالقة الفن والأدب والفكر والثقافة العربية والعالمية وكبار مطربي ومختصي الفن الشعبي من البحرين والكويت بما ذكرته مجلة «نيوزويك» الأميركية عن قطر في كونها تتبنى نموذج مدينة «البندقية» الإيطالية بدلا من نموذج مدينة «لاس فيغاس» الأميركية التي اختارته لها إمارة دبي، ولكننا في البحرين الأخرى قد تأكلنا الحيرة بين سنغافورة وجاكارتا وفنوم بنه!

ولست أدري إن كان من تعاسة الصدف أو أننا في مخطط عبثي شيطاني سائرون حينما تترافق عوامل نزوح الكفاءات البحرينية من الطب حتى الطرب الشعبي والثقافة الفولكلورية البحرينية، وذلك مع عوامل إبادة وانمساخ بيئي وثقافي منظمة ومستمرة على قدم وساق رسخت لاغتراب «Alienation» المراحل والأجيال القادمة، وقد سئم البحرينيون كثيرا ترداد وإعادة تداول العديد من القصص التراجيدية والمأساوية الشائعة لعمالقة الفن البحريني الأصيل، وكم كان حينها الراحلون يكابدون لانتزاع أبسط الحقوق الإنسانية والمواطنية ومنها حق الحصول على السكن الموعود، فباتوا أقرب إلى المتسكعين في «الدواعيس» و «الفرجان» على رغم أن قيمتهم في الجوار وفي الخارج لا تقدر بثمن!

لربما هنالك الكثير مما ينتظر قطاع الثقافة والتراث الوطني بوزارة الإعلام تحت قيادة الشيخ راشد بن عبدالرحمن آل خليفة وعلى رأس هذه التحديات الماثلة العمل على استعادة العديد من الكفاءات والكوادر والثروات القومية التي نزحت بفضل التركات السابقة الثقيلة، وبمن فرض ذوقه الخاص ورؤاه الضيقة على الجميع، ومن آمن بأن النهضة الثقافية والإحياء التراثي والتجدد الإبداعي في البحرين لا يمكن له أن يعمل إلا باتباع نموذج «من كل بستان زهرة» وإن كانت تلك الزهور المبهرجة والزاهية ستغرس في سبخة قاحلة!

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2131 - الأحد 06 يوليو 2008م الموافق 02 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً