العدد 2131 - الأحد 06 يوليو 2008م الموافق 02 رجب 1429هـ

حوار الطرشان حول الديمقراطية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

المراقبون الدوليون، مثل البنك الدولي، يعطون مرتبات عليا لجودة الإجراءات البحرينية، وهو ما نشهد أثره في القطاع المصرفي الذي ينافس النفط كمصدر للثروة الوطنية. فرصانة الإجراءات وتنفيذها بشكل عادل وحازم شجع على إنشاء قطاع اقتصادي متطور يعتمد على الموارد البشرية التي تتحصل على مستوى عالٍ من المعيشة. وجودة الإجراءات في هذا القطاع نابعة من إرادة متفق عليها يتبعها تنفيذ عادل للقانون بشكل يدعم الثقة بالنظام ويجذب إليه المستثمرين.

على أن هذا النجاح ليس معكوسا في قطاعات أخرى، بل إن ما نشاهده في الوزارات والقطاعات الأخرى يميل إلى «التنفيذ الانتقائي للقانون»، وبالتالي فإن جودة الإجراءات من عدم جودتها، أو دستورية الإجراءات من عدم دستوريتها، لا فائدة منه مادام التطبيق يخضع لانتقائية، وهذه الانتقائية تقوم على ممارسات غير صحيحة.

جهات المعارضة - بشكل عام - تصر على أن الحل يكمن في الجانب الدستوري وضرورة مراجعته، ولكن هذا الطرح تنقصه الرؤية المتكاملة. فحتى لو كان لدينا أفضل دستور في العالم، فإن المشكلة ليست في النصوص وإنما في تنفيذها. وهناك دول أخرى غير البحرين لديها دساتير وهياكل تنظيمية مكتوبة بأفضل النصوص القانونية، ولديها انتخابات دورية لحكوماتها، ولديها كل الشكليات التي تتفاخر بها في المحافل الدولية، ولكن في واقع الأمر فإن مضمون ومحتوى تلك الأطر لا يعدو كونه شموليا.

الجهات الرسمية من جانبها تكرر بأنه لا يمكن أن نتوقع من دولة جديدة العهد بالنظم الديمقراطية أن تتحول إلى ما يشبه «برلمان ويستمنستر» البريطاني. وهذا الكلام صحيح من جانب، غير أنه يستخدم لتبرير عدم الشروع في مرحلة انتقالية من النظام الشمولي إلى النظام الديمقراطي. على أن الانتقال من الدكتاتورية الشمولية إلى الديمقراطية يحتاج إلى توافق مجتمعي وإلى ثقافة داعمة لما تتحدث عنه النظريات الجميلة المسطرة في الكتب.

منذ فترة والتراشق في الشعارات هو الحال السائدة بين جهات المعارضة والجهات المحسوبة على الدولة، ولكننا ربما نغفل أن هناك تشابكا في المصالح بين مكونات في المجتمع والدولة، وهناك اتجاهات ايديولوجية بعضها تحالف استراتيجيا مع الدولة، وبعضها يسيطر على المعارضة... وهذه في معظمها ليست لديها وجهة نظر متوافقة حول موضوع الدستور أو الديمقراطية، بل ربما أنها تكفر بهذه المفاهيم. وعليه، فإن ما نشاهده من «تراشق في الشعارات»، إنما يعبر عن حوار الطرشان حول موضوع ربما لا يؤمنون به من الأساس.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2131 - الأحد 06 يوليو 2008م الموافق 02 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً