لي سابق تجربة مع وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي، وما أعرفه عنه أنه لا يقبل بالظلم والضيم أو الانتقاص من حقوق الآخرين. قد يكون الوزير لا يعلم بحالات كثيرة، وحين علمه بها يسارع إلى معالجة تلك الحالات، وهذا بحد ذاته من المناقب الأخلاقية الراقية للوزير.
كان قد صدر عن رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة قرار إنساني يقضي بتخصيص 11 بعثة دراسية لذوي الاحتياجات الخاصة تناسب دراستهم وقدراتهم. وقد رفع وزير التربية والتعليم عدد البعثات إلى 16 في هذا العام. هذه القرارات تتوافق مع منظومة حقوق الإنسان في فصلها المتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة ورعاية الدولة لهم، كما أنها متوافقة مع الدستور القوانين المتعلقة بهذا الشأن.
إلا أن بيت القصيد في التنفيذ دائما، إذ صرح بعض المسئولين بوزارة التربية والتعليم عن تطبيق هذا القرار بتفسير غريب أفرغ القرار من محتواه، هذا التفسير هو أن البعثات المشمولة بالقرار هي بعثات قاصرة على الدراسة بجامعة البحرين فقط! وهو أمر يتنافى مع مغزى القرار الذي يبحث عن صالح هذه الفئات والتخصصات الملائمة التي تتوافق وظروف إعاقاتهم.
لا أعلم لماذا حصرت الوزارة بعثات ذوي الاحتياجات الخاصة في جامعة البحرين فقط، مع العلم بأن هناك تخصصات غير موجودة في جامعة البحرين، وهناك إعاقات يحملها بعض ذوي الاحتياجات الخاصة تمنعهم من التعليم في المجالات المتوافرة بجامعة البحرين.
وعلى سبيل المثال، إحدى الطالبات معوقة سمعيا، من الطبيعي ألا تستطيع أن تجلس وتستمع للمحاضرات، وعلى رغم من مجموعها المرتفع (94.4 في المئة) فإن فرصة دراسة طب الأسنان التي تتمنى أن تدرسها لأنها متوافقة مع ظروفها الصحية، ستضيع عليها بهذا التطبيق المجحف للقرار الحكيم والإنساني... إذ هذه الطالبة التي كدحت كدحا على رغم إعاقتها وسهرت الليالي وبذلت الجهود المضنية لكي تصل إلى هذا المعدل المرتفع وسيظلمها تطبيق القرار بهذه الصورة ويؤلمها أشد الإيلام ألا تحقق أمنيتها العزيزة على قلبها، بل إن آثارا سلبية عظيمة ستكون على مستقبلها. وأعتقد بوجود الكثير غيرها من الحالات المشابهة.
وزير التربية والتعليم بما يملكه من حسّ مرهف ونظرة مستقبلية عليه مراجعة تفسير القرار بما يتوافق ومصلحة الطلبة، وهذه مسئوليته الجدير بتحملها، وإن كان هناك من عائق من موازنة أو غيره فإن عليه طلب موازنة إضافية ولا أعتقد بأن الحكومة الموقرة أو المجلس الوطني يرفض مثل هذا الطلب، وخصوصا أن المسألة تحمل بعدا إنسانيا عظيما.
ليس عيبا مراجعة تفسير القرار، وعندئذٍ تطبيقه بحسب الغاية من إصداره، وليس تطبيقه بما يفرغه من محتواه ومضمونه. إن الأمر بحاجة إلى شجاعة وجرأة ونظرة حانية على مستقبل الطلبة؛ وجميع تلك الصفات مما يتحلى بها الوزير النعيمي.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 2130 - السبت 05 يوليو 2008م الموافق 01 رجب 1429هـ