هناك بلا شك مساحة كبيرة من الفراغ بين وزارة الإعلام من جهة، والقطاع السياحي بشركاته ومؤسساته من جهة أخرى، هذه الهوة اتسعت في عهد الوزير السابق عبدالغفار ووصلت تداعياتها إلى حدود كان من الصعب تداركها أو رتقها أو إصلاحها. واليوم، يحتاج هذا القطاع إلى إعادة ترتيب أوراقه مع الوزير الجديد جهاد بوكمال، أملا في الوصول إلى مساحة تفاهم مشتركة تحفظ للطرفين حقوقهما المتنازع عليها وفيها، على أن تضمن هذه المساحة من التفاهم إيجاد منطقة آمنة لهذا القطاع تستطيع ضمان نموه وحفظ هذه الاستثمارات من التطبيق المزاجي للقانون من جانب، أو الخضوع لمتغيرات السوق السياسي في المجلس النيابي من جانب آخر.
نقاط الخلاف فيما يتعلق بقطاع السياحة ترتكز على نقطتين اثنتين، أولاهما أن وزارة الإعلام والحكومة ككل لا تريد أن تتحول البحرين إلى ما يشبه ماخور الدعارة في الخليج، فالدولة تعلم عن تجارة اللحم الأبيض في فنادق البحرين ومنشآتها الفندقية، وهذه العملية منظمة ومدروسة، ولا نذيع سرا حين نقول إن مؤسسات الدولة من تشرف علي ذلك، وهي - أي الوزارة - لا تريد إنهاءها لأنها تعلم أن لا وجود لإمكانات حقيقية للسياحة العائلية النظيفة في البحرين، وان إنهاء هذه الظاهرة سيرتد على الاقتصاد البحريني بانخفاض كبير في الدخل، ولكنها تحت ضغط الكتل الإسلامية في مجلس النواب تحاول أن تلجم بعض المؤسسات والمنشآت السياحية التي هي ليست أهلا للعمل السياحي، بل هي مجرد عصابات دعارة وبغاء لا أكثر، وخصوصا أن بعض هذه المؤسسات أصبح يجاهر بما تريد له الدولة أن يكون سرا.
النقطة الثانية، تتمحور حول أن العديد من القطاعات السياحية التي تعمل تحت القانون باتت تحت وطأة القوانين التي تتغير كل يوم أولا، والتطبيق المزاجي ثانيا، متضررة في أعمالها، وخصوصا أن البعض منها لا يملك الحظوة أو العلاقات التي تسهل عليه تنفيذ أعماله وحمايته من الرقابة التي باتت مسلطة على فئات دون أخرى.
الحل الحقيقي لأزمة السياحة في البحرين يكمن في أن تعرف الدولة ماذا تريد بالضبط؟ بمعنى أن تبادر إلى خيارها الذي تراه استراتيجيا في القطاع السياحي بقوة، وأن تساعد المؤسسات والشركات على الاتجاه الذي ترغب به، أما أن تستمر الأمور على غاربها فهو ما سيجعل هذا الملف مفتوحا على الدوام دون أن يستطيع أحد إغلاقه.
سعادة الوزير جهاد بوكمال، استطاع حلحلة العديد من القضايا الشائكة التي ورثها على مكتبه منذ اليوم الأول، ويبدو أن ملف القطاع السياحي المعقد الذي يرتبط برؤوس أموال ضخمة يصعب المساس بها هو من أصعب الملفات التي تحتاج لقرارات سريعة وذكية وقادرة على إرضاء الأطراف كافة.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2130 - السبت 05 يوليو 2008م الموافق 01 رجب 1429هـ