العدد 2129 - الجمعة 04 يوليو 2008م الموافق 29 جمادى الآخرة 1429هـ

علاوة بدل نوعية عمل

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

التصريح الذي أدلى به وزير التربية والتعليم الأسبوع الماضي بخصوص توجهات الوزارة المستقبلية بتوفير علاوة بدل نوعية عمل لمعلمي التربية الخاصة يفتح الأبواب على مصراعيه للنظر مجددا لكل التخصصات التي ينبغي على الوزارة الالتفات إليها؛ بغرض العمل على إقرار علاوات بدل نوعية عمل لها، فالأمر لم يعد قاصرا اليوم على معلمي التربية الخاصة فقط بحجة أنهم يتعاملون مع فئات حساسة وتحتاج لجهد أكبر من قبل المعلم.

مهنة التدريس بشكل عام أصبحت قاسية على المعلم، وتحتاج لجهود كبيرة من قبل المعلم، وما لم يراع المعلم في ذلك سيكون هناك صدود نفسي من شأنه أن يؤثر تأثيرا سلبيا كبيرا على أداء المدرس وبالتالي على المخرجات، فالعملية التعليمية لا يمكن تبسيطها بل لا يمكن فصلها عن بعضها بعضا، وفي النتيجة النهائية فهي منظومة متكاملة.

جميل جدا أن تكون هناك توجهات إيجابية من قبل الوزارة تهتم بالمدرسين الذين يتعاملون مع الفئات الخاصة، ولكن الأجمل والأروع أن يكون هناك توجه متوازن وشامل بمعنى أن يكون العنوان عريضا وفضفاضا؛ ليعتقد القارئ الكريم أن كل معلمي التربية الخاصة سيكون لهم نصيب من العلاوة، في حين أنها تقتصر فقط وفقط على معلمي التربية الخاصة الذين يتعاملون مع الأطفال ذوي التخلف العقلي البسيط أو متلازمة داون، في حين استبعد معلم التربية الخاصة الذي يتعامل مع شريحة أكبر من التلاميذ ذوي صعوبات التعلم وآخر من المهتمين بفئة الموهوبين والمتفوقين. إذا كانت الوزارة تنظر إلى جميع هؤلاء على أنهم معلمون للتربية الخاصة فيجب أن تكون علاوة نوعية بدل العمل شاملة للجميع، وإذا كانت تعتقد أن الذين يتعاملون مع برنامج الدمج هم معلمو التربية الخاصة فقط فلابدّ من الوقوف مجددا على التسميات حتى نكون على بينة من أمرنا.

فهناك الكثير من الملاحظات الموجودة في الميدان، وخصوصا أن برنامج الدمج هذا رغم إيجابياته الكثيرة التي لا يمكن التقليل منها أو انتقاصها. لم يعد معلم التربية الخاصة فقط هو من يتعامل معه التلميذ نفسه، بل امتد الأمر إلى معلم الفصل ومعلمي الرياضة والموسيقى وغيرها من نشاطات أخرى. فإذا كانت الحجة أن التعامل مع هؤلاء أصعب من غيرهم من الفئات فلهذه الأسباب والمبررات وجب النظر في العلاوة التي لابد أن تشمل البقية الباقية من المعلمين الذين هم أيضا يتعاملون معهم.

وإذا كان هناك مبرر مقنع في النظر إلى هذا المعلم الذي يتعامل مع عشرة أطفال فقط على أكثر تقدير، وتعليمهم المهارات الحياتية إلى جانب بعض الكفايات التعليمية البسيطة وفقا لقدراتهم واحتياجاتهم، كان لزاما علينا أن ننظر بالعيون نفسها إلى معلم الفصل الذي تجاوزت همومه وأوجاعه كل الحدود، ووصل إلى طريق شبه مسدود ولا أحد يحس ويشعر به، ومع ذلك عليه أن يربي وأن يعلم وأن يبدع وأن يجد ويجتهد، ولا شيء يميزه عن غيره من المعلمين الآخرين سوى الجهد المضاعف.

حريّ بالوزارة وبالوزير ماجد بن علي النعيمي أن يأخذ بيده همّ معلمي الفصل وشجونهم، وأن يعمل على تكريمهم وتشجيعهم وتمييزهم على المعلمين الآخرين، لأهداف كثيرة وكبيرة، ولا ننسى أن معلمي الفصل إلى جانب العديد من النقاط التي لا يمكنني سردها حاليا يتعاملون هم أيضا مع مرحلة جد حساسة ومهمة وهي مرحلة التأسيس والبناء، وإذا تركوا هكذا بلا تمييز فسيكون هناك بناء ولكن ربما لا يعتد به، فعلى قدر ما تعطي الوزارة مدرسيها على قدر ما ستجني، هذا ما توصلنا إليه من النفسيات السيئة التي يعج بها الميدان التربوي بلا أدنى مبالغات.

لا يمكن نكران أو تجاهل الجهود التربوية الجبارة من قبل الأيدي المخلصة التي ترغب أن تكدح وأن تعمل بلا مقابل حتى، وترضى بالقليل، ولكن لا يمكن أيضا تجاهل الأصوات العالية التي تنادي باستمرار بتحسين الأوضاع المعيشية للمعلمين، ولو أن الوزارة استجابت منذ زمن لنداء تحسين الوضع المعيشي الذي طالبت به جمعية المعلمين البحرينية بزيادة رواتب المعلمين بنسب لا تقل عن 25 و30 في المئة لكانت سدت على نفسها العديد من الأبواب المفتوحة ولكنها لم تقبل التحدي وتجاهلته، كما تجاهلت أو تباطأت في تنفيذ المراحل الأخرى من كادر المعلمين ما جعل هذا التلكؤ والتباطؤ سببا للاستمرار في المطالبات. ولكن إن تجاهلت اليوم الوزارة المطالب فلابد لها من الاستماع إليها لاحقا، وأظن أن الأصوات لن تخفت طالما استمرت الوزارة بطلب المزيد من الجهود المبذولة من قبل المعلم خدمة للمشاريع التربوية المطروحة في الميدان التربوي.

وأعتقد أن أنسب وقت لتفريح قلوب المعلمين هو اليوم وليس غدا وخصوصا أن موضوع علاوة بدل نوعية العمل مفتوح اليوم لصالح فئات على حساب فئات أخرى، إلى جانب كون المعلم اليوم في إجازته الصيفية، ويترقب سماع أخبار إيجابية تدعوه إلى استقبال العام الدراسي الجديد بنشاط جديد وبعقلية مفعمة بالحيوية والنشاط.

الجانب النفسي خطير جدا وله أبعاده الأخرى، والجانب النفسي من الممكن إنعاشه ماديا وربما يكون من أسهل الطرق، والأمر اليوم بين يدي الوزارة وفي مسئولية الوزير.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2129 - الجمعة 04 يوليو 2008م الموافق 29 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً