في بداية فصل الربيع ولعدة أسابيع اصطحبت عائلتي الصغيرة إلى ساحل قرية باربار القريبة من منطقة السيف؛ للاستمتاع بمنظر البحر وغروب الشمس ومشاهدة منظر قلعة البحرين. على طول الساحل، كان هناك خليط من البشر من مختلف الجنسيات، فهناك الكثير من العائلات البحرينية التي تصطحب أطفالها للعب في مياه البحر، بينما الشباب والكبار يجلسون على الأرض للتسامر، وبعض الشباب على ظهور الجياد، وهناك بعض الأجانب الذين أنهوا أعمالهم اليومية في منطقة السيف الخالية من المناطق العامة الخضراء ووجدوا الساحل متنفسا لبيئة العمل.
الملاحظ أن رمال الشاطئ ليست كمثيلتها في الفندق القريب، فهناك فارق كبير في نوعية ونعومة الرمال ونظافة الساحل على رغم المسافة القريبة، ولكن إذا توافرت المصادر المالية والإرادة فمن الممكن تحويل رمال الساحل من الدرجة الثالثة إلى الأولى (طبعا هذا ينطبق أيضا على ساحل بلاج الجزائر).
بعد عدة أسابيع بدأنا نقرأ في الصحف المحلية وبالصور الملونة عن محاولة أحد المتنفذين القيام قسرا بمحاولة ردم الساحل بمواد البناء والمخلفات، ومن ثم التظاهر المسالم لبحارة ساحل كرباباد. الملاحظ أن بلدي العاصمة هو الجهة الوحيدة التي وقفت ضد هذا «الأمر» غير الحضاري، بينما اختفت ردود الفعل الحكومية.
على استحياء أصدرت وزارة الأشغال الدليل الاسترشادي لعملية الدفان، وبالتالي نعتقد أنه من المطلوب لهذه الوزارة التوزيع المجاني لنسخ من الإصدار الجديد للمتنفذين للقيام برفع مستوى الدفان إلى مستوى 4.5 أمتار، وبالتالي حماية سواحل البحرين من ظاهرة الاحتباس الحراري!
أعتقد أن المشكلة الحالية هي الوضعية القانونية «للمتنفذ»، أي هل يجب اعتباره قطاعا خاصا أم حكوميا!
فإذا اعتبرناه قطاعا حكوميا فترخيص الدفان يصدر من الأشغال، وإذا اعتبرناه قطاعا خاصا فالترخيص سيصدر من وزارة شئون البلديات. ولكن القيام بعملية ردم بدون الحصول على ترخيص من الوزارتين يضع المتنفذ فوق قانون البحرين.
بالنسبة للهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية فقد أبرأت ذمتها، فهي ستقوم بإجراء دراسة شاملة لتاريخ عمليات الدفن والحفر في مملكة البحرين!
الدراسات البيئية مهمة وخاصة التاريخية، فهي عبرة للجيل الحالي والأجيال المقبلة، ولكن الوقوف بوجه تدمير البيئة في الوقت الحاضر - كما بينت الصور الفوتوغرافية على ساحل باربار - أسمى من تحقيق أكاديمي وتاريخي لأحداث تاريخية أدت للقضاء على ثروات بحرية عدة! فما الخطوات التي قامت بها الهيئة لوقف تلك الجريمة البيئية؟
عملية الدفان تحدث في الكثير من دول العالم لمسببات عدة، فاليابان مثلا أنشأت مطارا مدنيا على جزيرة اصطناعية بعد مناقشات بين الحكومة والرأي العام أدت إلى اقتناع الأخير بفوائد الردم، ونحن في مملكة البحرين نحتاج إلى هكذا منطق واقتناع من قبل الرأي العام بضرورة القضاء على الحياة الفطرية والبحرية والبيئية!
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2129 - الجمعة 04 يوليو 2008م الموافق 29 جمادى الآخرة 1429هـ