يعرض حاليا في السينما فيلم «عملية البنك THE BANK JOB» وهو فيلم يحكي قصة واقعية لعصابة خططت في لندن للسطو على مصرف متخصص في إعارة المحفظات المصرفية، وتلك المحفظات هي عبارة عن صناديق بحجم صناديق البريد موجودة في المصرف، وهي سرية للغاية ويمكن للزبون أن يضع فيها ما يشاء من دون أن يطلع المصرف على ما بداخل تلك الصناديق، فقد تكون الودائع مجوهرات، أو صورا خاصة أو أوراقا سرية أو غيرها.

العصابة التي خططت لها عارضة أزياء، استأجرت محلا قريبا من موقع العملية، واستغلت أيام صيانة أنظمة الإنذار في المصرف وبدأت في حفر نفق طويل يؤدي إلى غرفة المحفظات، ونجحت في ذلك وبعد عمل شاق وجدت العصابة نفسها في قلب خزينة المحفظات، وبدأ الفريق في جني الثمار صندوقا تلو الآخر!

المفاجأة غير السارة لرؤوس الفساد آنذاك هي أن المسروقات لم تكن كلها أموالا ومجوهرات، بل كانت غالبيتها أوراقا سرية وصورا ومستندات وأشياء أخرى كشفت عن قصص فساد من العيار الثقيل، وصار كثير من المسئولين بدلا من أن يلاحقوا هذه العصابة لمعاقبتها على جريمة السطو، صاروا يتوددون إليها لتسليمهم صحائفهم السود!

من بين ما ضمت تلك المحفظات صورا إلى مسئولين كبار بينهم وزراء كانوا يرقصون على أسرة الدعارة عراة! وكان من بينهم سجل لشخصية كبيرة مدونة فيه أسماء من كان يدفع لهم الرشاوى لتسيير أموره، وكان من بين المتورطين بالرشاوى شخصيات أمنية، ومخابراتية، ومسئولون في مواقع مختلفة من المملكة المتحدة.

هذه الصناديق الملعونة لم تدع صغيرة ولا كبيرة من قصص الفساد إلا أحصتها! حتى أنه كان من بين الصناديق صندوق فيه ملابس داخلية لعاهرة كتبت عليها بأحمر الشفاه اسم الوزير الذي كانت تقيم معه العلاقة غير المشروعة!

عملية البنك هذه هزت جدران لندن، وصارت ساعتها تدق دقا مزلزلا كأنه ينذر ببلوغ ساعة الكشف عن قضايا الفساد الكبرى، وصار الناس هناك يقرأون كل يوم قصة فساد جديدة بطلها أحد المقنعين بقناع المناصب العامة، وبدأ القضاء يضبط أسرابا من المفسدين الذين كانوا يرتقون قمم الشرف نهارا، وينحدرون في سهول الفساد ليلا!

أتمنى ألا يأتي اليوم الذي نحتاج فيه هنا في البحرين إلى عملية البنك هذه حتى تنكشف أقنعة الكثيرين ممن يعيثون في هذه الأرض الفساد، فلا إحصاء لشرفهم في الصباح، ولا عدّ لفسادهم في المساء!!!