العدد 2128 - الخميس 03 يوليو 2008م الموافق 28 جمادى الآخرة 1429هـ

العالم الإسلامي يرفع صوته متحدثا عن أوباما

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

شكل السيناتور الأميركي باراك أوباما، ظاهرة لفتت أنظار العالم، وشغلت فكر الكثير من المسلمين حول العالم، مع خوضه معارك انتخابية حامية ليصبح الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأميركية.

وعلى رغم الجدل المحتدم الذي واكب تلك الحملة، وبعض الطرح الخلافي المتعلق بالإسلام، تبقى قطاعات واسعة من المسلمين مفتونة بالحملة الانتخابية وأضحى أوباما المرشح المفضل لديها.

هذا المستوى من الدعم لمرشح رئاسي أميركي لم يسبق له مثيل في العالم الإسلامي. وحقيقة أنه يأتي في خضمّ شعور بالإجماع تقريبا من السخط والنقمة تجاه سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وخصوصا في العراق وفلسطين، يجعل منه أمرا جديرا بالاهتمام.

التفسير البسيط هو أن الكثير من المسلمين يرون أسبابا جديدة للأمل في التوجه السياسي لأوباما ومستشاريه، فتوقه الظاهر لتجميع المزيد من الدعم الدولي لسياسة الولايات المتحدة، بل وحتى مخاطبة «أعداء» أميركا، هي مدعاة للتفاؤل. تخيل ما كان يمكن أن تبدو عليه السياسة العالمية في العراق أو السودان أو أفغانستان لو أن منظورا مثل منظور أوباما أثر على قيادة الولايات المتحدة من قبل.

أعتقد كعربي مسلم من مصر، يتأثّر بسياسة الولايات المتحدة الخارجية، أن توجّه أوباما قد يساعد على حل المشكلات المتراكمة بين المسلمين والولايات المتحدة، والتي تصاعدت حدّتها منذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابية. كذلك يمكن لأساليب جديدة ابتكارية للتعامل مع المتطرفين بدلا من الأساليب التقليدية المستخدمة من قبل الإدارة الأميركية الحالية أن توقف إعطاء القاعدة ومجموعات أخرى مثلها المبرر لتجنيد أعضاء جدد. قد يخسر المتطرفون وقتها الجدل الذي يذكي نار آلتهم الجهنمية المجرمة التي تدمّر حياة أناس أبرياء.

هناك طبعا في العالم الإسلامي، هؤلاء الذين يعارضون باراك أوباما، وتبريرهم غالبا ما يكون أن «السياسة الأميركية ثابتة، لا تتغير بتغير الرؤساء». وأنا أقول لهؤلاء إن أوباما أثبت وجود مجال للتسبب بالمشكلات، فقد عارض قرار غزو العراق، وهو يقدم توصيات راسخة منطقية لسحب القوات الأميركية من هناك.

ويناقش مشككون مسلمون بأن جميع السياسيين الأميركيين، بمن فيهم أوباما، متحيزون باتجاه «إسرائيل» على حساب العرب. ولكن يتوجّب علينا أن نفرّق بين دعم أي مترشّح للدولة اليهودية والتحيّز المتأصّل تجاهها. يجب ألا يشكّل التحيز الأميركي لـ «إسرائيل» تهديدا، خصوصا إذا نتج عنه اتخاذ موقف أكثر نشاطا تجاه إيجاد سياسات عادلة تجاه بقية العالم العربي.

ثم هناك الحوار الدائر حول ارتداد أوباما عن الإسلام. عندما وصف أوباما بأنه مسلم مرتد محتمل، كانت ردة فعل الكثير من المسلمين هي الدهشة والاستغراب. لقد قال أوباما إنه لم يكن مسلما في يوم من الأيام، إلا أن البعض يعتبرونه مسلما بسبب دين والده. أما بالنسبة لي فمن الواضح أن الإسلام قضية خيار حر وليس فرضا وراثيا.

كما شنت حملات عبر الإنترنت استغلت الجدل الذي أثير بشأن روابط أوباما الإسلامية، ضد أميركا، وصورتها على أنها «دولة عنصرية» وأن مواطنيها وساستها لن يسمحوا بأن يحكمها أوباما «لأنه أسود» و «له جذور إسلامية». كانت تلك جهود مضللِّة، ولكنها على رغم ذلك حصلت للمترشّح على المزيد من التعاطف في العالم الإسلامي.

لا يعني إنكار أوباما أنه مسلم أنه يرى في ذلك تهمة. فهو بدلا من ذلك يبعد نفسه عن تهم الخداع والنفاق. لقد حان وقت الابتعاد عن هذا الجدل العقيم والحكم على هذا المترشّح الرئاسي الواعد على أساس رؤاه السياسية وقدرته على موازنة المصالح الإسلامية العالمية مع مصالح قاعدته الانتخابية وأنصاره.

يستطيع أوباما، من خلال تبنّي الحوار مع دول مسلمة مثل سورية وإيران وإطلاق الجهود الدبلوماسية الأميركية أن يفتح الأبواب التي طالما كانت مغلقة، وبالمزلاج، في السنوات الأخيرة. من مصلحة جميع الدول الإسلامية أن يكون للرئيس الأميركي توجّه بنّاء كهذا، حتى أثناء الحفاظ على درجة عالية من الصداقة مع «إسرائيل» والقوى التي تدعمها في الولايات المتحدة وفي الخارج. من خلال السعي وراء سياسات عقلانية وشمولية وابتكارية، يستطيع أوباما أن يبقى فاعلا بينما يتغلّب على المعوقات التي تقف في طريق السلام والتعايش العالميين.

باحث وصحافي مصري، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»*

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2128 - الخميس 03 يوليو 2008م الموافق 28 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً