ما بين لهيب الحر الصامد والزحمة غير الطبيعية للسير والمرور وما بين الخوف مما يجري على الساحة السياسية عالميا في التهديدات المتواصلة لضرب إيران الجارة، وبإيعاز من الدولة الصهيونية «إسرائيل» ومربيتها أميركا ونحن صامتون! والتفرقة الطائفية التي تصاعدت بتصاعد حرارة الجو طرديا، ولنفاجأ بالاعتقالات للتأديب وقفل المواقع الإلكترونية!
قد تكون التجاوزات الكلامية من أسباب قلة الوعي في فرز الكلمات واختيار المناسب منها للتعبير عن الرأي، أو عدم التعود على حرية الإفصاح عما يريدون القول به لدهرٍ من الزمان طال!
فضاعت الطريق وأضاعوا معها الأهداف المرجوة من تلك الحرية والتعبير، وقد يأتي الإفصاح لكثرة الضغوط اليومية التي تعاني منها تلك الفئات المظلومة من الفقر، والركض وراء سبل العيش والتي أضحت تزداد بمعدل زيادة العائدات النفطية وكثرة المال في البلاد. وانتشرت كلمة الطائفية والتفرقة أيضا مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والإيجارات والأجهزة وكل شيء حتى الأسمنت والحجر!
لم يُراعَ محدودو الدخل مع ازدياد الثروة ولم تتحسن أحوالهم... فهل هذا هو عدم اهتمام بهذه الفئة أدى إلى كل ذلك الانفجار؟
حينما لا يجد الفرد حتى الهواء البارد، فالمكيفات قليلة العدد أو أنها قديمة ولم تعد تفي بالغرض واستحالة تغييرها لقصر اليد وانقطاع الكهرباء! وكيف ينسون القهر اليومي حينما تنعدم نزهة الإنسان في الترفيه على الشواطئ والمتنزهات مع درجات الحرارة الحارقة؟
أين يذهبون غير الوقوف ساعات في زحمة المرور والطرقات الملتهبة الساخنة ومحدودية الأماكن (لفش الخلق) والفرح لهذه الطبقة المغلوبة؟ كيف لهم أن يصمتوا وهم يرون تراجعهم المستمر ولا حضانة حقيقية ضد متغيرات الحياة؟ وما ضمان المستقبل والادخار التي لا قول لهم فيها؟
كيف يتحملون تحرك البحرين إلى الصعود العمراني هذا في ناطحات السحاب وبناء القصور والسوبرماركتات، والمطاعم الفخمة التي ليس بإمكانهم الجلوس فيها إلا إذا عمل فيها خادما أو طباخا وغير ذلك كثير؟
هم يرون الغرباء متنعمين بخيراتهم وقد حصلوا على وظائف تضمن لهم التعليم والصحة والادخار للمستقبل... إلخ حتى الجنسية بانتظارهم للجلوس في ديارهم إلى الأبد! ثم نقول أيضا: لماذا يتجاوزون الحدود في التعبير والكلام؟ ونعاقبهم قبل أن نسألهم لماذا تفعلون ذلك؟
أين بحريننا بلد الأمان؟ من سيعطي هؤلاء الحب والأمان؟ علنا نبدأ في النهج الجديد لإعلاء الحق بأبناء الوطن وتعزيز حياتهم وبناء مستقبلهم وإصلاح حاضرهم وطمأنتهم بأن هذه البلاد إنما هي بلادهم، وليست لغيرهم لينعم فيها أبدا، قبل أن ينعموا هم بها! ونحميهم وأولادهم، وألا نفرق بينهم فالجميع شعب واحد!
حينها سيتوقف كل هذا وذاك... سيتوقف الشغب... سيتوقف الكلام! بكل تأكيد.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 2127 - الأربعاء 02 يوليو 2008م الموافق 27 جمادى الآخرة 1429هـ