أشار مقال نشر في مجلة علمية أميركية الشهر الماضي إلى أن الاشخاص الذين يتوقعون أن تتم معاملتهم بسوء (أو أنهم يتوقعون أن يقع عليهم تمييز) فإنهم بالفعل يلاقون معاملة سيئة من الآخرين. وقالت المجلة إن الدراسة اعتمدت على تجارب مستمدة من رسوم كمبيوترية (أنيماتشن) لأشخاص حقيقيين (من الذكور والإناث ومن مختلف الأجناس) حملت ملامحها مجموعة من الخصائص المتعلقة بالرفض والقبول، وتوصل الباحثون الى أن التعبير البارز على الوجوه يتغير مع توقع الرفض أو القبول من الآخرين. ووجدت الدراسة أن النساء المشتركات في الدراسة واللاتي قلن إن الرجال يمقتونهن يتصرفن بأساليب نمطية تؤدي الى مقتهن، وكذلك الحال مع الرجال الذين تتغير وجوههم ويتصرفون بنمطية منطلقة من إحساس مسبق يؤدي بهم في النتيجة الى تحقيق ذلك الإحساس.
هذه الدراسة تؤكد نظرية self-fulfilling prophecy وهي النظرية التي تقول إن الشخص الذي يردد نبوءة معينة، سواء كان قد اختلقها بنفسه او سمعها تكرارا ومرارا، فإنه لا يهدأ إلا بعد أن تتحقق تلك النبوءة. فالتنبؤ بشكل مباشر أو غير مباشر بحدوث شيء ما يخلق طاقة داخل الشخص (أو داخل الجهة)، وهذه الطاقة تتحرك بسعي حثيث ولا تهدأ إلا إذا تحققت تلك النبوءة المختلقة.
بحرينيا، فإن لدينا مادة خاما وأدلة جاهزة على هذه النظرية. فلدينا جهات في المعارضة تكرر مقولات بشكل مركّز ومن دون مراجعة دقيقة في كثير من الأحيان، ولا يوجد حل مطلقا إلا إذا تحققت تلك النبوءات التي تتحدث عن عداء رسمي مستحكم لفئة من المجتمع مهما كان الأمر ومهما فعلت أم لم تفعل تلك الفئة من المجتمع. الأمر ذاته لدى جهات نافذة جدا في الدولة وهي التي لا تتوقف عن ترديد مقولات تركز فيها على أن إحدى الفئات الأصيلة في المجتمع البحريني لا يمكن الوثوق بها وأنه يجب الحذر عند التعامل معها. والنتيجة أن هذه الجهات النافذة لا تهدأ ولن تهدأ إلا إذا حققت نبوءتها التي اختلقتها من الأساس، أو أنها ترددها بشكل عمياني ومن دون وعي ومن دون احتساب نتائج هذا الترديد.
من الجميل أن نجد تطبيقات نظرية في علم الاجتماع على المستوى البحريني من دون الحاجة إلى الاطلاع على الدراسة التي تحدثت عنها المجلة الأميركية، ولكنه من المحزن أن هناك من يتنبأ بنبوءات سيئة ومختلقة، ويسعى إلى إرضاء الذات عبر تحقيقها.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2126 - الثلثاء 01 يوليو 2008م الموافق 26 جمادى الآخرة 1429هـ