أطلقت «الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان» تقريرها السنوي السادس بشأن «أوضاع حقوق الإنسان في مملكة البحرين للعام 2007»، صباح السبت الماضي، في مركز البحرين للمؤتمرات، بفندق كراون بلازا.
جاء إطلاق التقرير في مؤتمر صحافي حضرته الصحافة المحلية وعددٌ من المهتمين بحرينيين وأجانب، وذلك لأهمية التقرير الذي يعتبر رصدا سنويا دقيقا وموثقا لأوضاع حقوق الإنسان بالبحرين.
التقرير يقع في 55 صفحة، مع ثلاثين توصية، وتسعة ملاحق، تبدأ بالإطار الدستوري والقانوني والمؤسساتي، مرورا بحق المواطن في التعليم والسكن والعيش ضمن بيئة سليمة، انتهاء بالتعاطي الرسمي مع المنظمات الإقليمية والدولية. وهو جهدٌ كبيرٌ يستوجب الشكر، وخصوصا إذا علمنا بأنه نتاج جهود فردية تطوعية، استغرقت وقتا وجهدا كبيرين.
الجمعية تعتزم تنظيم ورشة عمل في شهر رمضان أو بعده لمناقشة التقرير، وستدعو ممثلين عن الحكومة وأعضاء مجلسي النواب والشورى، بالإضافة إلى ممثلي مؤسسات المجتمع المدني. وهي خطوةٌ تحدث لأول مرة، والمؤمّل أن تستجيب الحكومة لذلك، وألاّ تستمر في موقفها الرافض حتى لاستقبال نسخة من التقرير.
الجمعية تنحت في الصخر، وفي الوقت الذي تثني على ما تحقّق، إلاّ أنها تشكو كثيرا من التلكؤ في الاستجابة لما تطرحه من مطالب عقلانية معتدلة، من بينها عدم الإذن بزيارة سجن النساء رغم الوعود، وتسهيل زيارة أماكن الاعتقال والتوقيف. وهي أماكن تحتاج إلى إصلاحات، بدليل ما قام به النزلاء من حرق بطانياتهم في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما أدى إلى إصابة 54 موقوفا.
المملكة سجّلت إنجازا دوليا قبل أسابيع بحصولها على العضوية في مجلس حقوق الإنسان، وهو ما ينتظر المراقبون ترجمته إلى تحسين فعلي في وضع حقوق الإنسان بشكل عام، إلاّ أن المؤشرات لا توحي بالتفاؤل، بدليل وصول عدد المعتقلين إلى سبعين أو ثمانين خلال الأشهر الأخيرة، بعضهم قُدّم للمحاكمة وبعضهم معلّق.
من بين المؤشرات السلبية أيضا، زيادة شكاوى الأهالي من مداهمات المنازل على يد قوات الأمن دون إذن من النيابة العامة، في عددٍ من المناطق، فضلا عن عمليات التطويق والتفتيش التي يتعرضون لها، وهو ما يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه عمليات عقاب جماعي، وخصوصا مع الاستخدام المكثف لمسيلات الدموع في الأحياء السكنية، والرصاص المطاطي الذي دأبت وزارة الداخلية على نفيه بصورة مستمرة.
رسميا، تم الإعلان قبل فترة عن نية تشكيل هيئة وطنية لحقوق الإنسان، وهي خطوة موضع ترحيب من قبل الكثيرين، بشرط ألا يكون ذلك بهدف تجميلي، وذلك بضمان تمتّعها باستقلالية وحيادية ودرجة عالية من الصدقية لدى الرأي العام. فالوضع لا ينقصه خلق مؤسسات حكومية «بديلة» تعمل على سحب البساط من تحت أقدام مؤسسات المجتمع المدني، وإنما العمل بما يعزّز أوضاع حقوق الإنسان.
التقرير رصد أيضا خروج 116 مسيرة واعتصاما في 2007، حسب إحصاءات وزارة الداخلية. وإذا افترضنا أن نصفها لم يكن مرخصا وانتهى بعنف واحتكاكات، فإن النصف الآخر جرى وفق القانون. ومن البديهي أن شعب البحرين لا يحب النزول للشوارع لعرض آخر موضات الملابس والموبايلات، وإنما تحرّك جموع المشاركين مطالب حياتية ملحة، من أزمة الإسكان إلى سياسات الفصل من العمل والحرب على الأرزاق. هؤلاء جميعا متضرّرون من سياسات وليسوا هواة فوضى ومظاهرات.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2125 - الإثنين 30 يونيو 2008م الموافق 25 جمادى الآخرة 1429هـ