في عدد يونيو/ حزيران الأخير من نسخة البحرين من مجلة (Gulf Business)، أوردت المجلة إحصاءات مهمة عن السياحة في دول مجلس التعاون. وبالنسبة إلى البحرين تقول المجلة إنه «يتوقع أن ترتفع مساهمة القطاع السياحي في مجمل الدخل الوطني من 14,8 في المئة، ما يوازي 3،027,4 ملايين دولار أميركي في العام 2008، إلى 18.5 في المئة، أو ما يساوي 5,320,1 ملايين دولار في العام 2018، وسترتفع مساهمة الوظائف التي سيوفرها هذا القطاع من نحو 64 ألف وظيفة، أو ما نسبته 17.2 في المئة من إجمالي الوظائف المتاحة في الدولة إلى 100 ألف وظيفة أوما يساوي 22 في المئة من إجمالي الوظائف حينها».
أرقام أخرى توردها المجلة، وجميعها تحمل معها روح الإيجابية والتفاؤل. وهذا ينسجم مع ما أعلن عنه الرئيس التنفيذي لمشروع الترويج السياحي بوزارة الإعلام محمد ناس أن البحرين «تسعى إلى استقطاب 100 ألف سائح أوروبي وأميركي سنويا للبحرين من خلال مشروعات ترويج السياحة البحرية وسياحة البواخر القادمة من دول أوروبا والولايات المتحدة بالتعاون مع مجموعة دول مجلس التعاون وعلى رأسها دبي وعمان».
هذا، ويقدر العدد الإجمالي لسياح البواخر في العالم بنحو 16,5 مليون سائح خلال 2007 ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 20,2 مليون سائح في 2010 ليصل إلى 29،7 مليون سائح في 2020.
الأرقام الأخرى التي توردها المجلة بشأن واقع ومستقبل السياحة في منطقة الخليج، جميعها متفائلة، وتدعو إلى الاهتمام بهذا القطاع من الاقتصاد الوطني.
على أننا في البحرين، ولكي نكون قادرين على ولوج هذا القطاع بالزخم الذي يحتاجه، علينا أن تكون بحوزتنا عناصر القوة، ومنها توفير دراسة علمية قائمة على معايير دولية قادرة على قراءة اتجاهات السياحة، ومعها السياح على المستوى العالمي، ونلبي احتياجات ومتطلبات السياح الذين سيولدونها، وكذلك تشخيص دقيق لعناصر القوة التي بحوزتنا ومكامن الضعف التي نعاني منها (SWOT). هذا التشخيص يتم في إطار مقارنة متكاملة مع دول المنطقة المحيطة بنا والتي نتوقع منها أن تقوم بالعمل ذاته.
ومن عناصر القوة التي علينا أن نتوافر عليها تعزيز البنية التحتية القادرة على الترويج لصناعة سياحية متقدمة بالمقاييس العالمية لهذه الصناعة. ولابد لنا هنا من التأكيد على أن السياحة باتت في الاقتصاد العالمي الجديد تتبع القطاع الصناعي نظرا إلى ما باتت تقدمه من خدمات، وما توفره من منتجات، سياحية تتطلب الكثير من المواد الخام، شأنها في ذلك شأن أية صناعة أخرى، تحتاج إلى قنوات متطورة قادرة على الترويج لتلك المنتجات أو الخدمات، وتأمين مصادر التطوير والصيانة التي تضمن استمرارها، وتناميها.
وكذلك، التحول التدريجي من الاقتصاد التقليدي القائم على المنتجات الصلبة غير المتكاملة، إلى الاقتصاد المشبك، الذي قوامه الخدمات الأساسية، وفي القلب منها الخدمات السياحية، والاهتمام المتزايد والمتنامي لليد العاملة الماهرة والعقول المبدعة المحلية في هذا القطاع، من خلال التشجيع المستمر، المعنوي والمادي لها، وتوفير فرص الدراسة وفيما بعد العمل، كي يأتي التطور التدريجي نحوالصناعة السياحية العصرية المتقدمة، مترافقا مع تنامي القوى العاملة المبدعة المحلية.
وهنا لابد من التمييز بين اليد العاملة القادرة على أداء خدمات الاقتصاد التقليدي، التي لا تحتاج إلى مهارات عالية، ولا إلى قدرات إبداعية فائقة، واليد العاملة المدربة والقادرة ليس على المنافسة والتفوق على الآخرين في السوق المحلية فحسب، وإنما حتى في الأسواق الالعالمية.
ومن المهم أن يكون هذا التحول من خلال قرار استراتيجي مترافق مع خطة استراتيجية متكاملة تتضمن الخطوات العملية التفصيلية خلال مرحلة التطبيق، وتمتلك المرونة الكافية التي تؤهلها للتعامل مع المستجدات، وهي كثيرة في المنطقة خلال المرحلة المقبلة، تحصنها ضد الإنكفاء أوالتراجع.
للمرة الثانية نتناول موضوع السياحة، نظرا إلى ما ينتظر البحرين من فرص ذهبية في مجال السياحة، نخشى أكثر ما نخشاه أن تضيع من بين أيدينا، فالفرص كما يعرف الجميع، تمر مرور السحاب والذكي الحظيظ من يلتقطها بالشكل المناسب، وفي الوقت المناسب، ويضعها في القوالب المناسبة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2124 - الأحد 29 يونيو 2008م الموافق 24 جمادى الآخرة 1429هـ