وفقا للخبر المنشور مؤخرا في الصحف المحلية فإن كتلة «الأصالة» قد أعلنت استعدادها للانتخابات البرلمانية 2010، وربما هي شرعت في بناء ما أطلق عليه ترميزا وتباركا بـ «الجدار العازل» الذي سيلف الدوائر الثماني التي وقع اختيار «الأصالة» عليها، وهو ما فتح نار التكهنات جيدا على مختلف جبهات الاحتمالات بشأن مستقبل التحالف المزعوم بين «الأصالة» و «المنبر» لقيادة ما يطلق عليه بـ «الشارع السني» في مقابل احتكار «الوفاق» وإحكامها على الخناق السياسي لـ «الشارع الشيعي»، فـ «الأصالة» في النهاية قررت أنها ستدخل بقوة وربما لوحدها، والله يستر، وإن تطلب ذلك تنسيقا، ولا محذور سياسي ولا شرعي حيال ذلك، وإن كنا لا ندري إن كانت غزوات «الأصالة» الانتخابية القادمة ستجسد رؤية الزعيم الروحي الشيخ عادل المعاودة بشأن الإرغام على أكل الميتة البرلمانية لمنع الآخرين من (...) التهام هذه الوليمة أو «العقيقة» الإصلاحية، أم أن «الأصالة» بأصالتها قد بلورت في ذلك رؤية جديدة وعصرية للتعامل مع الواقع البرلماني؟!
وإن كنا نؤمن بحق «الأصالة» وغيرها في أن تعد العدة جيدا وتتهيأ لانتخابات 2010 وربما حتى 2018 ولكن ما يهمنا وربما يهم المطلعين والمراقبين والواعين من الناخبين هو إن كانت انتخابات 2010 قائمة فماذا أعدت «الأصالة» لها وللناخبين وللمواطنين؟!
هل قامت «الأصالة» بتأصيل تجربتها البرلمانية على مدى ثماني سنوات متتالية؟! وكيف سيكون مؤدى ذلك؟!
ماذا أفادت واستفادت «الأصالة» من دخولها البرلمان؟!
ما الذي حققته «الأصالة» وما الذي لم تحققه من زاوية العمل التشريعي بحسب إحداثيات السلطات والصلاحيات الممنوحة، ودعك من شيوع تداخل الاختصاصات مع المجالس البلدية والصناديق الخيرية ومن ممارسات تمكين وانتفاع سياسي معمول بها في كافة سياقاتنا المحلية وإن كانت لا تليق في النهاية بدولة المؤسسات والقانون؟!
كم كنا نتمنى كغيرنا لو أن «الأصالة» أعدت بمناسبة استعداداتها لانتخابات «2010» لن نقول مجلدا أو كتابا أو كتيبا، وإنما على الأقل كراسا نقديا لتجربتها في العمل البرلماني وسبل تحسينها والارتقاء بها مؤسسيا ونتائج انعكاسات أداء نواب «الأصالة» على مجمل القضايا الوطنية المتبناة، وذلك مع ضرورة أن يحتوي هذا الكراس المرتجى كشفا للتحديات والعيوب والثغرات التي تعيق الأداء النيابي مع إيجاد البدائل الحيوية والواقعية لكل خلل مزمن أو طارئ أو محتمل بدلا من الاكتفاء بسرد كمي فضفاض لا نوعي للمقترحات والأسئلة والآراء التي لا تسمن ولا تغني من جوع!
نحن نعرف مثلا أن هنالك مشاريع طموحة طرحها مرشحو «الأصالة» في الانتخابات السابقة وفي برامجهم الانتخابية بغض النظر عن كونها مشاريع قضايا مصيرية أو مشاريع طقوس وشعائر ترتبط بالرقابة والوصاية على أخلاقيات المجتمع، خذ على سبيل المثال مشروع فرض تطبيق الزكاة الشرعية على جميع المواطنين من الأعلى إلى الأسفل، والذي تبناه أحد نواب «الأصالة» بحسب ما نشر عنه في إحدى الصحف المحلية الإنجليزية، وذلك كأحد الحلول الشرعية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص ومعالجة الفروق الطبقية، فإلى أين وصل هذا المشروع مع اقتراب 2010؟!
فمن بعد تجربة برلمانية محبطة ومثبطة ومفتتة لعضد أمة بأكملها، وربما حتى لحظة كتابة هذا المقال مازال الوضع على ما هو عليه و «الأصالة» و «المنبر» وأختهما غير الشقيقة «الوفاق» لا يبدو أنهم جميعا بصدد التخلص من عقدة «آكل أو مأكول» أو عقدة «أجنداتنا وأجنداتهم» ويبدو من المستعصى عليهم أن يغادروا غرائز الاستحواذ والتملك الانتخابي النهمة من دون التخطيط لسيناريوهات «ما بعد الفوز الانتخابي» و «ما بعد ضمان المقاعد»، فمتى سيكف هذا الثلاثي عن الاكتفاء بلعب دور «حشوة الأسنان» أو دور «سداد الثغر» في سبيل معارك عبثية لا طائل منها ولا تكاد أن تحدث فرقا وميزة فيها بين ضحية ومضحى به وضاحية!
متى سيحددون الأهداف والخطوات والبدائل أمام جميع التحديات المصيرية التي مازالت ماثلة وبصورة أكبر رغم الانخراط في التجربة، فالمواطن قد يريد في النهاية برنامجا محددا وواقعيا محسوب الخطوات وقابلا للتنفيذ ولا يريد برنامجا بسعة القضاء والقدر وطاعة ولي الأمر، أو برنامجا بسعة القضاء والقدر وطاعة الولي الفقيه؟!
فهل أحدث دخولك البرلمان يا «أصالة» ويا «منبر» ويا «وفاق» فرقا نوعيا يستحق أن يتجشم المواطن الناخب عناءه مرة أخرى، والأهم ألا يكون هنالك جدار عازل يا «أصالة» بين المواطن وقضاياه واحتياجاته وآماله ومتطلباته وواقعه، أو ألا يكون هنالك جدار عازل بين النائب واختصاصاته وسلطاته وصلاحياته؟
إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"العدد 2124 - الأحد 29 يونيو 2008م الموافق 24 جمادى الآخرة 1429هـ