لقد رحب الكثيرون بالأنباء التي انطلقت بعد لقاء جلالة الملك بمجلس الوزراء في 19 يونيو/ حزيران الجاري، والتي تتعلق بضرورة الوقوف بحزم أمام مصادر بث الكراهية بين المواطنين، وجاء قرار مجلس الوزراء بعد ذلك بتشكيل لجنة وزارية تتكون من وزير الداخلية ووزير العدل ووزير الإعلام لضبط الوضع ومنع انتشار تلك المحتويات التي تنال من الذات الملكية أو سمو ولي العهد أو الوحدة الوطنية أو الطائفية أو عروبة البحرين. ونحن نبصم بالعشر على هذه الأسس التي تحفظ لنا بلادنا وسيادتها ووحدة شعبها. وكان قرار وزارة الإعلام بإغلاق ثلاثة مواقع قد اتسم بالحكمة إذ إنه شمل مواقع محسوبة على جهات نافذة، وكذلك على مواقع معارضة. ولكن المفاجئ هو دخول جهاز الأمن الوطني على الخط بشكل ملحوظ، إذ قام باعتقال عدد من القائمين على موقع «أوال» ونشرة «الوفاق» وربما مواقع أخرى.
اللجنة الوزارية لم تحتوِ على من يمثل جهاز الأمن الوطني، (على الرغم من أن قرار تشكيل هذه اللجنة قد تضمن فقرة فضفاضة تشير إلى ضم «كل ما تراه مناسبا من الجهات ذات الاختصاص» إلى عضويتها)، وعندما استفسر البعض من وزارة الداخلية قيل لهم إن الاحتجاز والتحقيق بواسطة جهاز الأمن الوطني ليس من جهتهم لأن الجهاز مستقل. والأمر كذلك بالنسبة إلى وزارة الإعلام التي لم يكن لها دخل في الاعتقال والتحقيق، على الرغم من أنها الجهة المعنية بالدرجة الأولى، وكان بإمكانها أن تحوِّل ملفَّ أيِّ شخص أو جهة إلى النيابة العامة لكي يمارس القضاء دوره. فالنيابة العامة تفسح المجال لحضور المحامي وتتخذ إجراءات أكثر وضوحا، أما جهاز الأمن الوطني فإن مهماته منوطة بالسرية.
إن دخول جهاز الأمن الوطني - وعدم صلاحية اللجنة الوزارية بشأن ما يجري لهذا الشخص أو ذاك - قد يؤدي إلى إطلاق يد الجهاز بشكل غير مؤطر بإطار واضح، وبالتالي فإن الإجراءات التي تبدو مشروعة تجاه قضية ما قد تتطور لتدخل في ما يتعلق بالحريات العامة التي كفلها الميثاق والدستور والعهود الدولية.
جهاز الأمن الوطني قال إن عملية استدعاء القائمين على المواقع الالكترونية التي تم إغلاقها مؤخرا وتلك التي تسيء إلى الوحدة الوطنية وتقوم بالترويج للطائفية فى المجتمع «مازالت مستمرة» وذلك بغرض «التنبيه» إلى خطورة تداعيات ما تبثه هذه المواقع من أخبار ومعلومات كاذبة ومغرضة ومثيرة من شأنها اضطراب الأمن العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة وأمن المملكة.
ونحن نتفق على ضرورة مكافحة المحتويات الطائفية ونتفق على ضرورة «تنبيه» هذه الجهة أو تلك، ولكن ومن أجل الحفاظ على دستورية الإجراءات فإن من اللازم الانتباه إلى ضرورة الشفافية في التعامل وعدم خلط الأوراق والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يثير تساؤلات حول طبيعة الإجراءات المتخذة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2124 - الأحد 29 يونيو 2008م الموافق 24 جمادى الآخرة 1429هـ