العدد 2123 - السبت 28 يونيو 2008م الموافق 23 جمادى الآخرة 1429هـ

سينما الشباب

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل أشهر، استضافت «الوسط» المصوّر البحريني المعروف خليفة شاهين، ليحدثنا عن تجربته الرائعة في الحياة، كواحد من جيل الآباء العصاميين الذين بدأوا من الصفر، وتجاوزوا كل الصعوبات في طريقهم حتى حققوا النجاح.

أحد أهم إنجازات شاهين التي لا يزال يفخر بها، هو فيلم «القراصنة» الذي دخل التاريخ كأول فيلم بحريني. وهو عمل كبير إذا عدنا بالذاكرة إلى فترة إنتاجه (الستينيات). وفي حديثه كان شاهين جازما باستحالة قيام «صناعة سينمائية» دون دعم وزارة الإعلام، التي لم يخفِ امتعاضه من بثها مواد وثائقية في التلفزيون من تصويره دون الإلماع إلى اسمه، على الأقل من باب الحق الأدبي.

قبل أسبوع، كنت بين المدعوين لحضور فيلم كوميدي جاد، مدّته نحو 90 دقيقة، أنتجه عددٌ من شباب قرية المعامير، التي ارتبط اسمها في صحافتنا المحلية بتلوث الجو بالغازات وكثرة الوفيات بسبب الأمراض الصدرية والسرطان.

الفيلم أنتجته مؤسسةٌ صغيرةٌ للإنتاج الفني، باسم «هدف ضائع»، إذ يحكي عن إحباط الشارع من تجربة الانتخابات، من خلال عرضه للتجربة الانتخابية في أحد الأندية، التي يتصارع على قيادتها من يعمل للمصلحة العامة ومن يعمل للمنصب والجاه. وفي هذا الصراع المحموم يتم شراء الأصوات والولاءات، وتزوير نتائج الانتخابات بالطرق الالتفافية المعروفة للجميع... كل ذلك في إطار كوميدي خفيف، تم تصوير أغلب لقطاته في داخل أروقة النادي الصغير، وفي أزقة القرية وساحلها القريب.

الفيلم يلامس أيضا قضية التجنيس «المبرمج»، الذي بدأت آثاره السلبية تظهر حتى على المستوى الرياضي، وخصوصا في بعض الأندية الكبرى التي تمتلك النفوذ والإمكانات.

لست خبيرا بصناعة السينما، وإنما أشاهد بين فترةٍ وأخرى الأفلام التي تحترم عقل المشاهد، وأغلبها أجنبية، فما أكتبه يمثل انطباعات مشاهد «هاوٍ» ليس إلاّ. ومع ذلك أعتقد بأن التصوير لفت نظر الكثير من الحضور مثلي، وخصوصا عند معرفة تواضع الإمكانات والتجهيزات، والتي عوّضها تفاني الممثلين الهواة الذين عملوا طوال شهر ونصف الشهر، هي مدة تصوير الفيلم. هؤلاء الممثلون «المتطوعون»، لا يقبضون فلسا، وإنما هم يتبرعون لإنتاج الفيلم إذا تطلب الأمر! وهذه الروحية تذكّرنا برياضيي الأمس الهواة، الذين يعود بعضهم من العمل عصرا ليلتحق بالفريق، ويغير «بدلة الشغل» بالشورت والفانيلة في الملعب.

قرية المعامير اشتهرت بتجربتها الطويلة مع التمثيل، والأهالي يروون عن معاصرتهم لأربع فرق تولت إخراج الكثير من المسرحيات منذ الستينيات حتى الآن، والطريف أن بعض القرى المجاورة مهتمة أكثر بالفرق الإنشادية، ولا تتعاطى مع التمثيل.

في نهاية العرض، سألت المخرج عن كلفة الفيلم، وبدا كما لو أنه لا يمتلك جوابا دقيقا، وربما لم يكن يهمّه الرقم، فهو مخرجٌ هاوٍ بالدرجة أولا وأخيرا، فلذلك أخذ يحسب بسرعة مصادر التمويل، وهالني أن اكتشف أن الكلفة لم تزد على ألف دينار، وهو ما يعيدنا إلى إجابة خليفة شاهين عن صناعة السينما، التي لن تقوم دعائمها حتما إلا بوجود مثل هذه الطاقات التي تحفر في الصخر.

وأنا خارجٌ من القاعة، صحبني أحد مسئولي النادي فلاحظ استغرابي من الروائح النفاذة العالقة بالجو، فقال: «أنت تشم الغازات، لكننا لا نشعر بها بحكم الاعتياد». تمنيت حينها لو كانت معنا وزيرة الصحة السابقة ندى حفاظ.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2123 - السبت 28 يونيو 2008م الموافق 23 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً