العدد 2123 - السبت 28 يونيو 2008م الموافق 23 جمادى الآخرة 1429هـ

مانديلا 46664

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

احتفت لندن مساء الجمعة الماضي بعيد ميلاد نيلسون مانديلا التسعين الذي يحلّ في الـ 18 من يوليو/ تموز المقبل، وذلك من خلال حفل كبير حضره أكثر من 40 ألف شخص تجمّعوا لترديد أغنية «عيد ميلاد سعيد» للرئيس السابق لجنوب إفريقيا الذي حاز جائزة نوبل للسلام، رافعين الرقم 46664 الذي حمله مانديلا في سجن بجزيرة «روبن» قبالة سواحل «كيب تاون» حيث أمضى 18 عاما، قبل أن ينقل لاحقا إلى سجن آخر ليمضي فيه 27 عاما حتى فبراير/ شباط 1990.

مانديلا قال للحشود التي تجمّعت في حديقة «هايد بارك» بوسط العاصمة البريطانية: «الليلة يمكننا الوقوف أمامكم أحرارا»، مضيفا «رغم جو الاحتفال يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن عملنا لم ينته بعد... فهناك فقر وأمراض بما في ذلك الإيدز، هناك بشر مضطهدون، هناك الكثير من العمل يجب إنجازه... عملنا هو من أجل الحرية للجميع».

مانديلا غيّر مفهوم السياسة في عصر العولمة، وهو - بحسب بعض الآراء - الأقرب للفوز بلقب «قديس السياسة»، فعلى رغم عمره المتقدم فإنه لايزال يتحدث بروحية مصرّة على الانتصار للمظلوم والدفاع عن المحروم. خرج من السجن متسامحا مع نفسه وسامح سجّانيه، وتسلّم رئاسة بلاده من 1994 إلى العام 1999، ومن ثم سلّم الحكم إلى مَنْ هم بعده، رغم أنه كان بإمكانه أن يحتكر السلطة لنفسه.

نيلسون مانديلا بطل سياسي قضى على نظام الفصل العنصري (الأبرتهايد) في جنوب إفريقيا، وهو الذي أشرف على استحداث مفهوم جديد للمصالحة مع الماضي عبر «لجنة الحقيقة والمصالحة»، وهو النهج الذي يطلق عليه «العدالة الانتقالية»، وقد طبّقته بلدان عدة، بما في ذلك المغرب (بصورة مخففة مقارنة مع الأنموذج الذي استحدث في جنوب إفريقيا).

كما أن مانديلا أصبح عنوانا للنظافة في السياسة، وللاعتدال والتسامح من دون التنازل عن الحقوق. ولذلك فإن مانديلا ربما غيّر وجهة نظر العالم عن السياسة، إذ لم تعد حصرا على المتزلّفين والفاسدين والمتسلّقين والكاذبين وأصحاب الذمم الرخيصة المعروضة للبيع في سوق النخاسة، بل يمكن أيضا للمخلصين وأصحاب التاريخ النظيف أن يقودوا عملا سياسيا لا يلمسه فساد البيئة المحيطة بالسياسة.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2123 - السبت 28 يونيو 2008م الموافق 23 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً