مع تزايد حدة الإثارة قبل نهائي بطولة الأمم الأوروبية الحالية لكرة القدم «يورو 2008 «، تتجه الأنظار في بولندا حاليا إلى البطولة المقبلة «يورو 2012» التي من المنتظر أن تستضيفها البلاد بالتنظيم المشترك مع أوكرانيا.
ولا يختلف الشعور السائد في بولندا حاليا، مع تطلع البلاد قدما لاستضافة البطولة الأوروبية المقبلة، كثيرا عن ذلك الشعور بالمرارة التي ساد فيها بعد هزيمتها من منافستها اللدودة ألمانيا على يد لاعب بولندي الأصل هو لوكاس بودولسكي ما مهد الطريق لخروجها من الدور الأول لمنافسات يورو 2008 .
وتشمل قائمة الأعمال التي من المنتظر القيام بها استعدادا ليورو 2012 في بولندا: تجديد الاستادات وبناء استادين جديدين ومد خط مترو آخر في وارسو وإقامة المزيد من الفنادق وتجديد المطارات وإنشاء طرق جديدة تمتد لآلاف الكيلومترات وإنفاق 42 مليار يورو خلال أربعة أعوام مع أوكرانيا لتحويل دولتين مغلقتين من دول الاتحاد السوفياتي السابق إلى قوتين عظميين في استضافة الأحداث الكروية.
وكانت السعادة غمرت بولندا عندما تم اختيارها على حساب دول أخرى ذات باع طويل في استضافة الأحداث الرياضية لتنظيم بطولة يورو 2012.
وكان اختيارا غير متوقع، ولكن المسئولين كانوا يأملون في أن تساعد البطولة الأوروبية بولندا على تحسين البنية التحتية للبلاد ورفع تلك الدولة المتحمسة لكرة القدم إلى مستوى دول غرب أوروبا.
ورأى البعض أن استضافة يورو 2012 قد تعيد إلى الكرة البولندية بعض كرامتها بعد فضيحة التلاعب في نتائج المباريات وتحذيرات اتحاد الكرة الأوروبي (يويفا) للبلاد من الخلط بين الرياضة والسياسة.
وبعد مرور أكثر من عام على اختيار بولندا وأوكرانيا لتنظيم يورو 2012، مازال معظم البولنديين سعداء باستضافة بلادهم للبطولة.
ولكن ثلاثة من بين كل أربعة بولنديين تقريبا يخشون ألا تكون بلادهم مستعدة لحدث كبير كهذا وخصوصا أن أربعة أعوام ليست بالمدة الطويلة للاستعداد جيدا، وهذا وفقا لاستطلاع حديث للرأي أجراه مركز أبحاث الرأي العام في بولندا.
وأشارت صحيفة «دزينيك» اليومية إلى أن مسئولي اتحاد الكرة الأوروبي كانوا أعلنوا في العام الماضي أن بولندا لا تحقق التقدم المطلوب في بناء الاستادات الجديدة والفنادق والطرق والمطارات. وذلك بسبب السياسة والتغيير المستمر في وزراء الرياضة البولنديين إلى جانب عدم وجود خطة تعاون جيدة بين الحكومة البولندية واتحاد الكرة المحلي.
ولم يكن هذا العام أفضل حالا على الإطلاق في بولندا.
ففي يناير/ كانون الثاني الماضي، حذر رئيس اتحاد الكرة الأوروبي الفرنسي ميشيل بلاتيني منظمي بطولة يورو 2012 من «تفويت عدة أمور مهمة» في استعداداتهم للبطولة مشيرا إلى أن الأشهر المقبلة ستكون بغاية الأهمية. وذلك قبل أن يوجه إنذارا جديدا للمنظمين في آذار/مارس الماضي.
ولكن الأمور تتحرك فعلا في العاصمة البولندية إذ تم تثبيت أكثر من مئة ركيزة بناء في الأرض لاختبار ثبات المكان الذي سيقام فيه الإستاد الوطني خلال الفترة المقبلة. وسينشأ الإستاد الذي سيستضيف المباراة الافتتاحية ليورو 2012 على أنقاض الاستاد القديم البال الذي يرجع تاريخ بنائه إلى فترة الحكم الشيوعي بالبلاد وكان يعتبر أجمل استاد في العالم في العام 1955.
وبدأ الاستاد القديم يتهاوى في سبعينات القرن الماضي وأصبح حاليا مسرحا للأسواق الخيرية الكبيرة في عطلات نهاية الأسبوع. وتبلغ كلفة إنشاء الاستاد الجديد 2ر1 مليار زلوتي بولندي (559 مليون دولار أميركي) وستصل سعته إلى 55 ألف متفرج.
كما وعد مسئولو مدينة وارسو بمد خط مترو ثان لنقل مجموعات الجماهير الرياضية إلى الاستاد الجديد من وسط مدينة وارسو عبر نهر «فيستولا ريفر».
وتقدر أقل قيمة لكلفة مد هذا الخط الثاني 8ر5 مليارات زلوتي. ووفرت وارسو حتى الآن نصف القيمة المالية فقط المطلوبة لتنفيذ هذين المشروعين حتى أنها قررت اخيرا إلغاء عدة مشروعات لتوفير المال.
ونقلت الإذاعة البولندية عن وزير الرياضة المحلي ميروسلاف درزيفتشكي قوله إن الاستاد الوطني في وارسو يأتي في مقدمة أولويات المدينة. ولكن في الوقت نفسه لا توجد غرف فندقية كافية لاستضافة كبار الشخصيات سواء في وارسو أو جدانسك أو بوزنان.
وعرضت اسكتلندا حديثا خدماتها من حيث استضافة يورو 2012 إذا لم ينجح البولنديون في إنهاء استعداداتهم للبطولة في الموعد المحدد.
بينما ترددت شائعات في وسائل الإعلام الايطالية بأن بلاتيني قد يمنح حق تنظيم البطولة إلى الايطاليين والفرنسيين في الوقت الذي عرض فيه مسئولون بولنديون المزيد من الضمانات بشأن إنهاء استعداداتهم للبطولة قبل الموعد النهائي.
ثم انتشرت شائعات جديدة بأن أوكرانيا مهددة بخسارة حقها كلية في تنظيم البطولة وأن بولندا تبحث لنفسها الآن عن شريك جديد.
وقرر أحد الساسة البولنديين أن يذهب بنفسه لرؤية استادات أوكرانيا، حتى أنه دفع ثمن الرحلة من ماله الخاص. وبعد هذه الزيارة قال السياسي البولندي إن استادات أوكرانيا ليست سيئة. وكان درزيفتشكي متفائلا بالمثل عندما قال إن بولندا مستعدة لمساعدة جارتها أوكرانيا في استعداداتها لاستضافة يورو 2012.
وعلى رغم كل الضمانات والشكوك المحيطة بالبطولة الأوروبية المقبلة على حد سواء ، فلا يبدو أمام جماهير كرة القدم البولندية حلا آخر بخلاف الانتظار. فالكلمة الأخيرة الآن مع بلاتيني الذي قال إنه سيعلن قراره النهائي في الخريف المقبل.
العدد 2122 - الجمعة 27 يونيو 2008م الموافق 22 جمادى الآخرة 1429هـ