أطلّ علينا خلال الأيام الماضية الحساب الختامي للدولة للعام 2007 بما فيه من أرقام مهولة ودنانير مبعثرة هنا وهناك ومصاريف خيالية وإيرادات غريبة وعجيبة، تعطي للوهلة الأولى أن الوضع المعيشي للمواطن البحريني سيكون أفضل بكثير مع ارتفاع سعر البرميل النفطي ليصل إلى أرقام قياسية. طبعا، وزارة المالية لم تصدق خبرا في مواكبة هذا التقرير المالي بكلماتها الرنانة التي تؤكد حرص الحكومة في تحقيق أعلى حد من الأداء لتنفيذ قرارات القيادة السياسية فيما يتعلق برفع المستوى المعيشي للمواطنين، ولتعكس الأهداف والأولويات التي تضمنتها الموازنة العامة للدولة والتوجهات التنموية الاقتصادية والاجتماعية للحكومة.

فليفرح المواطنون، الخير قادم، وعلاوة الغلاء لن تتأخر، والأجور ستتحسن، وشبح الغلاء سيندثر، وطوابير الانتظار على الوحدات الإسكانية ستنتهي، ولا بطالة بعد اليوم، ولا اختناقات مروية أو انقطاعات كهربائية، إلا أن كل ذلك مربوط بمليارات من الدنانير ضائعة مازال البحث عنها جاريا، وكل تلك الأحلام مرهونة بمن يجد هذه المليارات من الدنانير في حسابات الدولة المعقدة والصعبة التي زاد من صعوبتها عدم وجود متخصصين قادرين على فك الارتباط بين حسابات حقل البحرين وحسابات المصفاة وموازنة شركة نفط البحرين، هذا الارتباط أدى لضياع هذه المليارات.

أرقام لا يمكن تصديقها، فإيرادات حقل البحرين والمصفاة ملياران و525 مليونا و920 ألفا و126 دينارا وكم فلسا بالتمام والكمال. طبعا هذا الرقم يعادل نصف الناتج المحلي للدولة تقريبا وهو لحقل ومصفاة فقط، إلا أن كلفة ومصاريف هذا الحقل والمصفاة ليست بالكثيرة، ملياران و292 مليونا و231 دينارا فقط!

يعني في النهاية وبعد كل هذا التعب أن ما خرجت به الحكومة من كل تلك الأرقام هو233 مليونا و919 ألفا و895 دينارا فقط كأرباح، وضاعت الملياران في المصاريف التشغيلية والإدارية وغيرها مما يعرفه الجميع.

من جانب آخر، حقل أبوسعفة البحري إيراداته مليار و321 مليون دينار ومصروفاته 44 مليونا فقط. لماذا مصروفات هذا الحقل 44 مليونا فقط؟ ليربح مليارا و256 مليون دينار. بينما في حقل البحرين يكون الوضع مختلفا؟ الجواب بسيط جدا، لأن حسابات حقل أبوسعفة ليست في يد الحكومة البحرينية فقط كما هو حال حقل البحرين والمصفاة، بل هي مرتبطة بشركة أرامكو السعودية، وبالتالي لن تكون هناك أية فرصة للتلاعب أو ضياع دينار واحد. هل تعلم عزيزي المواطن أن إيرادات البحرين من النفط والغاز تصل إلى أربعة مليارات دينار، فيما أن صافي الإيرادات بعد جملة من الإسقاطات غير المنطقية والتكاليف العبثية يصل إلى مليار و630 مليون دينار فقط؟

أما آن الأوان لأن نتمتع في البحرين بشفافية عالية وصدقية حقيقية تكشف لنا حقيقة عوائدنا المالية من ثروتنا النفطية التي يحسدنا عليها الجميع ولا نراها.