العدد 2122 - الجمعة 27 يونيو 2008م الموافق 22 جمادى الآخرة 1429هـ

هوامش رئيسية على السيرة النجادية!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

من بعد استعراض بعض من المعلومات المثيرة للجدل التي وردت في كتاب «أحمدي نجاد... التاريخ السري لزعيم إيران الراديكالي» للصحافي الإيراني كاسرا ناجي حبذت من خلال هذه المقالة أن أتناول نماذج من الانطباعات بشأن ردود الأفعال التي تلقيتها على مدى ثلاث حلقات متتابعة، التي لربما أصفها بالمتوسطة أو بالأحرى المتوقعة التي أثبتت وجودها مرة أخرى من خلال المقالات الثلاثة المنشورة!

@ @ @

ولعل ما أود أن أنبه إليه في بداية هذه المقالة وبدافع من المسئولية الأخلاقية هو أن ما نشرته في المقالات الثلاثة «صدام الأضداد في سيرة نجاد» من معلومات وردت في الكتاب إنما اقتصر على المعلومات المثيرة للجدل فقط أو التي لم تطرح من قبل للمناقشة بشكل علني بشأن تضاعيف المشهد الإيراني الداخلي، وعن السيرة الذاتية للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وإن احتوى الكتاب أساسا على معلومات أخرى معروفة ومتداولة أساسا عن السمات والصفات الإيجابية للرئيس الإيراني أحمدي نجاد التي تتعلق بتواضعه وبساطته وكدحه، فهو الذي قيل عنه إنه يعمل حوالي 20 ساعة في اليوم، بالإضافة إلى إدارته المرنة وترتيبه وتنظيمه الميسر والمشهود له في الكثير من المناصب التي تقلدها أحمدي نجاد، وبالتالي لم أجد فيها أية فائدة تذكر أساسا من إعادة نشرها والكتابة عنها، كما أن هنالك أيضا ركاما من المعلومات الموثقة الصادمة جدا وبالغة الإثارة والحساسية لم أشأ أن أنشرها بوازع من المسئولية الاجتماعية!

وإن كنت وجدت العديد من الردود المتفاوتة من مختلف القراء الأعزاء التي كان من بينها من أشار إلى أن ما ذكره الكتاب عن الرئيس نجاد جرى تداوله أساسا في أروقة الصحافة الإيرانية وبين أفراد النخبة الإيرانية السياسية ومازالت تلك المعلومات مثيرة للجدل بقوة بين الإيرانيين الذين اختلفت آراؤهم بشأن التناقضات النجادية المحيرة، وهنالك ردود محترمة طالبتنا بالتريث والتدبر في ما جاء من معلومات في هذا الكتاب نظرا للشكوك القوية المثارة حول دوافع هذا الكاتب وانتماءاته، وبالنسبة لمثل هذه الردود فإننا لم ولن نغفل أساسا الاعتبار لمثل تلك الاحتمالات بشأن مختلف التوظيفات السياسية الواردة التي تقف وراء إصدار هذا الكتاب وخصوصا مع زيادة سخونة الملف النووي الإيراني في الوقت الحالي والعودة القوية لبوادر استهداف الجمهورية الإسلامية من قبل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية، ولكن مثل هذا الاحتمال القوي لا يمكن أن يلغي مجمل الانتقادات الموجهة إلى الأوضاع الداخلية والبنيوية في الجمهورية الإسلامية التي قد تلعب دورا كبيرا في حدوث أي انهيار داخلي أو سقوط للنظام إما عبر ضغوط خارجية وحصار دولي أو عبر مغامرات متهورة ذات أثمان باهظة، فإن كانت الميديا الصهيونية والغربية إبان إعلان النية لاجتياح العراق صورت الراحل صدام حسين على أنه دكتاتور وحشي وفظ يقمع الحريات ويضيق على شعبه، فهذا لا يعني إلغاء الصفات الأخيرة من قاموس الرئيس الراحل لكون ذكر هذه الصفات يعد عمالة للإمبريالية!

لقد كان الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر مستهدفا أيما استهداف من قبل القوى الغربية وقام بتأميم قناة السويس وله العديد من المواقف القومية المشرفة، ولكن ذلك لا يعني غض الطرف عن الأخطاء والخطايا وجرائم القمع والتنكيل التي ارتكبت في عهده ضد الخصوم السياسيين!

لقد كانت هنالك - وحسب المتوقع - ردود صبيانية وغوغائية استزلامية وهدايا تخوينية بائسة حيرتنا كثيرا لكونها وكأنما تنازع سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية والنظام الإيراني في اختصاصاتها وسلطاتها وصلاحيتها في الاستجابة لما ورد في هذا الكتاب فتسيء لها بذلك، ولربما تزايد عليها كثيرا، فاحترنا إن كان بيننا أكثر من سفير لإيران، فرجاء لا تكونوا إيرانيين أكثر من الإيرانيين ذاتهم، ولا تكونوا سفراء فوق رسميين أكثر من السفراء الرسميين ذاتهم، فنحن هنا لا نقدس أي نظام سياسي مهما كان تنطعه وتمسحه بالمسوحات الإسلامية أو القومية، فجميعها أنظمة من صنع البشر وليست أنظمة معصومة عن الخطأ، ولا أدري لو كانت تدري الجمهورية الإسلامية أن من بيننا أزلاما وعبادا يقدسونها سياسيا حد التوثين ولربما يعتبرون أن انتقاد سياساتها الداخلية أو الخارجية إنما هو من مبطلات الصلاة ونواقض الوضوء والصيام ومن مزلزلات العقيدة، فهل كان ذلك سيسرها أم سيبئسها وهي الجمهورية الإسلامية؟!

إن كان الرئيس نجاد «يعلو إلى الأبد» ولا يمكن «التقليل من حجمه وشأنه» وإن كان انتقاد نجاد «يزيده لمعانا ونصاعة وتوهجا» فلماذا إذا كل ذلك الهيجان الهستيري، والاستنفار الكاريكاتوري، والنفور الجاهلي، والحساسية الملتهبة التي لا ينفع معهاBaby Jonshon، والانتفاض كما ينتفض السنور حينما تسكب عليه ماء باردا ليس إلا لمجرد نشر معلومات جدلية وردت في كتاب أجنبي من دون أن تمثل أية وجهة نظر سوى وجهة نظر مؤلف هذا الكتاب؟! أليس ذلك منتهى الضعف والإفلاس والفشل؟!

أمثال هؤلاء الغوغاء والمتشرنقين كثر بيننا من كل جانب، وهم أصحاب عقول متحجرة، وآفاق ضيقة ومعايير مزدوجة يخادعون أنفسهم بها، وهي تعكس طائفيتهم النضاحة التي قد تهاجم «طلبنة» أفغانية وتغض الطرف عن «طلبنة» إيرانية، وتسخف شعارات الراحل صدام حسين بإحراق الكيان الصهيوني وتسخر من تصوراته الإستراتيجية الساذجة لرجل النفط الشرق أوسطي الكبير الذي تتفاوض معه القوى العظمى في حين أنها تتبارك بشعارات أحمدي نجاد لإزالة الكيان الصهيوني ورسائله الحمالة لذات السذاجات الاستراتيجية والمدركات السطحية لواقع العلاقات الدولية، وهؤلاء المنافقون الطائفيون يتهكمون بـ «فناتق» الأخ معمر القذافي ويمجدون تلك الهالة النورانية النجادية التي سخر منها قومها قبل غيرهم!

وأمثال هؤلاء المتعففين بعدم انتقاد المشهد الإيراني لربما ما يثلج الصدور تجاههم هو حينما تجدهم يشكون الصداع جراء ما يوجه من انتقادات متعددة للنظام الإيراني ليس لسبب إلا لكون هذا الصداع أو التصدعات في الرأس والوعي قد تطفر من بينها شرارة حكمة وعقلانية إن شاء الله!

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2122 - الجمعة 27 يونيو 2008م الموافق 22 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً