تحركت أجهزة الدولة الأسبوع الماضي لـ «احتواء» التأجيج الطائفي الذي كان تطوّر كثيرا، ووصل إلى حد النزول إلى الشارع من قبل الذين شعروا أنّ التأجيج «ربما» كان ضمن خطة رسمية جديدة تستهدف فئة معيّنة من المجتمع دون غيرها. تدخل جلالة الملك قبيل مسيرة الخميس (19 يونيو/ حزيران 2008)، واجتمع بمجلس الوزراء وجهاز الأمن الوطني على مائدة غداء تبعها إصدار بيان مفصّل عن وجهة نظر رسمية جديدة نتج عنها احتواء أزمة التأجيج التي ساهمت فيها جهات مقرّبة أو محسوبة على الدولة بشكل واضح.
لقد تمكنت الدولة من احتواء التأجيج خلال أيام، بل إنّ الأجهزة الرسمية قامت بخطوة غير متوقعة بإغلاق موقع إلكتروني تأجيجي كان يتفاخر القائمون عليه بأنهم يمثلون جهات رسمية نافذة القرار في مفاصل الدولة الرئيسية. وقد عبّر إغلاق هذا الموقع الإلكتروني عن استياء قيادة الدولة من الوضع التأجيجي الذي وصلت إليه الأمور، وأنها لن تتسامح مع أيّ طرف كان في حال انتقل التأجيج من إطاره المحدود إلى الساحة الشعبية وإلى عرقلة الحياة العامّة.
بعد خطوة الدولة كانت هناك خطوة من المعارضة المُشاركة في البرلمان، ومن رموزها وهيئاتها الدينية التي دعت أيضا إلى التهدئة، وعدم الانجرار إلى واقع طائفي لا تُحمد نتائجه ولا تُعرف عواقبُه.
وعلى رغم أنّ هناك مجموعات شبابية لا تستمع إلى الجهات المعارضة (المشاركة في العملية السياسية) ولا إلى الجهات الرسمية وهذه المجموعات استمرتْ في دعواتها إلى الخروج هنا وهناك، فإنّ الأسبوع الماضي يُعتبر الأهدأ بالنسبة للذي شهدته البحرين منذ فترة غير قصيرة. ولكن هذا الهدوء يُعتبر مؤقتا إذا كانت الجهات المعنية تكتفي بـ «الاحتواء» فقط.
احتواء الموقف بعد أنْ تصاعد كثيرا أمر جيّد، ويُحسب لجميع مَنْ شارك فيه، ولكن استمرارية التهدئة وإبعاد المؤجّجين للشقاقات الطائفية عن دائرة القرار الرسمي وعن دوائر قرار المعارضة لن يكون سهلا. كما أنّه ليس من الواضح ما إذا كان الاحتواء يعني الاستغناء عن الطائفيين لدى هذه الجهات، وليس واضحا فيما إذا كان الاحتواء مقدّمة لحل أكثر ديمومة، أم انه مجرد تكتيك للحد من تفاقم الأمور.
البحرينيون يستحقون سياسة أفضل من الاحتواء، فالأكثرية من جميع فئات المجتمع تفضل مشاركة سياسية فاعلة قائمة على أسس المواطنة والمساواة والعدالة والتنمية المستدامة التي تستهدف خير كل أبناء الوطن من دون تفريق... والانتقال الى مستوى سياسي أفضل يفترض وجود «عدالة انتقالية»، وذلك هو النهج الذي ينتج حلا دائما.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2122 - الجمعة 27 يونيو 2008م الموافق 22 جمادى الآخرة 1429هـ