العدد 2122 - الجمعة 27 يونيو 2008م الموافق 22 جمادى الآخرة 1429هـ

المبارك يحمّل قصور الخطاب الإسلامي مسئولية «الرسوم الدنماركية»

الوسط - محرر الشئون المحلية 

27 يونيو 2008

حمّل خطيب جامع الإمام المنتظر بقرية دار كليب الشيخ حميد المبارك القصور الذي يعانيه الخطاب الإسلامي مسئولية ظهور الرسوم الدنماركية المسيئة للرسول (ص)، وأرجع ذلك إلى عجز المسلمين عن إيصال الجوانب الإنسانية لشخصية النبي إلى الرأي العام.

وفي خطبته يوم أمس (الجمعة)، قال المبارك: «انعقد قبل أيام مؤتمر ضمّ نخبة من علماء ومفكري المسلمين في مكة المكرمة، وذلك كمقدمة لمؤتمر آخر سيعقد في أسبانيا الشهر المقبل بشأن حوار الأديان، وقد اشتمل مؤتمر مكة المكرمة على عدة محاور مهمة منها ضرورة البحث عن الجوانب الإنسانية المشتركة بين الأديان، وهذا أصلٌ أصيل، فالتعارف الذي دلّت عليه الآية الكريمة في قوله تعالى (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) إنما يتقوّموا بنقاط الوصل وهي المساحات المشتركة بين الناس بمختلف أديانهم، فلا يكون التعارف بالمفترقات وإنما بالمشتركات، وكذلك كان النبي (ص) يثني على غير المسلمين الذي لهم صفات ومواقف إنسانية، فقد أثنى على حاتم الطائي وقال عن حلف الفضول أنه حلفٌ لو دُعيت إليه لأجبت، وقولة مشهورة للإمام علي (ع) (الناس صنفان إما أخٌ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق)، فهذا مؤتمر يشكر القائمون عليه وهو بحق يدفع الأمل في النفوس وخصوصا أنه عقد في مكة المكرمة وفي المملكة العربية السعودية وفي وسط أجواء معارضة لمضمون المؤتمر».

وأشار المبارك إلى أن «الإصلاح الثقافي والديني عندما ينطلق من إرادة سياسية فهذا أمر يجب أن نتوفق عنده، فما أُعطي بإرادة سياسية يمكن أن يؤخذ بإرادة سياسية، وإن كنا نقر بأن الإرادة السياسية يجب أن تتدخل في بعض الأحيان لدفع عملية الإصلاح، كما حصل في تاريخ الأمم وتاريخ المسملين، ولكن لا يجب أن تجعل أصلا، فالأصل أن ينطلق وعيٌ يؤسس له العلماء والمفكرون، بعيدا عن إرادات السلطة».

وأوضح المبارك أن «من أهم ما تتقوّم به عملية الإصلاح الديني والثقافي، هو إصلاح الخطاب الذي يجب أن يطوّر إلى مستوى اللغة المشتركة القائمة على الإفهام والتفهيم»، وبين أن «الخطاب الإسلامي لم يستطع بعد أن يحقق تواصلا حقيقيا مع الأمم الأخرى، وقد قال علماء اللغة إن البلاغة هي مراعاة مقتضى الحال بمعنى أن تتحدث مع كل مخاطب بما يحقق تواصلا معه، فالبلاغة هي الإفهام والتفهيم أو البيان والتبيين، وعندما نتحدث عن بعض الإساءات لنبي الإسلام في الغرب كالرسوم الدنماركية مثلا، فقصور الخطاب الإسلامي له دخالة في حصولها، لا يتحمل الغرب وحده مسئولية الإساءة إلى النبي، إذ يتحمل المسلمون قسطا وافرا، لأن المسلمين عجزوا عن إيصال الجوانب الإنسانية لشخصية النبي إلى الرأي العام هناك، لأن خطابهم ليس مؤهلا بعد لذلك. فشخصية النبي (ص) وشخصيات الأولياء تشتمل على مساحات متعددة، ينتقى منها ما يحقق تواصلا مع المخاطب بلحاظ دينه وثقافته. فعندما اتحدث عن الإمام الحسين (ع) أمام جمع من المسلمين أو شيعة الحسين فلا مانع أن أتحدث عن مقامات الحسين المعنوية أو كراماته الربانية، ولكنني عندما أتحدث عن الحسين أمام أمم أخرى تختلف معي في الدين والثقافة، فهنا يبنغي أن أركز على الجوانب الإنسانية في شخصية الحسين، إذ ينبغي أن أتحدث عن الحسين الذي سقى أعداءه الماء، أعداؤه الذين جاءوا ليحاربوه، ولم يكتف بأمر أبنائه وخدمه بسقيهم بل قام بنفسه بذلك، كما تدل عليه الرواية، وهكذا عندما نتحدث عن الإسلام والنصوص الإسلامية وأئمة الإسلام يجب أن ننتقي من ذلك البستان العامر ما يحدث تواصلا مع المخاطب»، لافتا إلى أن «الخطاب الإسلامي لن يحقق تواصلا حقيقيا إلا إذا تمكن من إبراز الجوانب الإنسانية في الإسلام وأئمة الإسلام».

وفي الخطبة الأولى، أشار المبارك إلى حديث «من عرف نفسه فقد عرف ربه»، وأوضح أن «للحديث تفسيرين التفسير الأول أنه من قبيل معرفة الأشياء بأضدادها فكلما أدرك الإنسان نقصه وقصوره وكلما تصاغر الإنسان في نفسه لما يراه من ضعف وحاجة كلما تعاظم الخالق الغني في قلبه، والتفسير الآخر هو أن الحديث من قبيل معرفة الأشياء بأمثالها، فالله تعالى لا مثيل له ولا نظير، ولكن الإنسان قبس من روح الله سبحانه وتعالى «ونفخة فيه من روحي»، وكما قال الرسول (ص): (تخلقوا بأخلاق الله)، فعنمدما يجد الإنسان في نفسه مرتبة من مراتب الكمال كالشجاعة والعفو عند المقدرة والكرم، فاليعلم أن هذا الكمال النسبي ما هو إلا ومضة من ذلك النور الكامل، فمن عرف نفسه بما تشتمل عليه من بعض مراتب الكمال والقدرة فذلك انعكاس ومرتبة من مراتب التجلي لذلك الكمال المطلق».

العدد 2122 - الجمعة 27 يونيو 2008م الموافق 22 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً