العدد 2121 - الخميس 26 يونيو 2008م الموافق 21 جمادى الآخرة 1429هـ

الظاهر... حسدناهم!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في عمود الأسبوع الماضي، كنّا مستبشرين بالخطوة الجميلة التي شهدتها المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، حين زار وفدّ من أهل السنة والجماعة مسجدا في القطيف، وصلّوا جماعة بإمامة شيخٍ من الطائفة الأخرى.

الخطوة في حد ذاتها خطوةٌ شجاعةٌ، ولها مدلولها الكبير، خصوصا لما تشهده المنطقة من توترات طائفية وشد مذهبي، يلعب على أوتارهما المستفيدون من وراء فرقة الأمة وشتاتها، وفي مقدمتهم عدو الأمة والإنسانية «إسرائيل».

من حقّنا أن نفرح لمثل هذه المبادرة الطيبة على الضفة الأخرى من الجسر، مع أنها خطوةٌ صغيرةٌ ومحدودة الأثر، ولن تغيّر كثيرا في مسار الأحداث والاحتقانات، ومع ذلك علينا أن نعيش على الأمل.

لسنا نخدع أنفسنا بإمكانية تحقيق وحدة إسلامية ولا عربية، مادمنا في البلد الواحد منقسمين على أنفسنا، وغير متفقين على أولوياتنا وتحديد مصالحنا، ومع ذلك علينا أن نعيش على الأمل، وإلاّ فإن البديل هو الانتحار الجماعي، مذاهب وطوائف وشعوبا وأوطانا.

لا أخفيكم أنني كنت فرحا للخبر الصغير، ولكن هناك كثيرون لا يحبون مثل هذه الأخبار، فلم تمض أربع وعشرون ساعة حتى وصلت الأخبار التي تقبض الصدر وتخنق الأنفاس. ففي خطوةٍ مضادةٍ للصلاة الجماعية الجامعة للقلوب، صدرت تهديداتٌ من جماعةٍ متطرفةٍ بالإعتداء على المصلّين المتوجهين من القطيف إلى الخبر، ما أسفر عن تأجيل الصلاة المشتركة إلى أجل غير مسمى. وسبق ذلك حملة تحريض هدفت إلى تقويض أية إمكانية لإقامة صلاة مشتركة في أحد مساجد الخبر، عزّزتها فتوى رجل دين متشدّد، نشرت على موقعه الرسمي، وربما ما تزال موجودة هناك، اعتبر فيها الدعوة إلى التقريب بين المذهبين «يشبه الدعوة إلى التقريب بين النصرانية والإسلام»!

هذه التهديدات أجبرت المضيّفين في الخُبر على الاعتذار عن استقبال ضيوفهم في أحد بيوت الله، على أمل أن تتوافر الظروف المواتية. وحين سئل أحد الضيوف عن رغبته بالصلاة الجامعة، أجاب: «لقد مدّ إلينا اخواننا أيديهم بالتحية، ونريد أن نرد التحية بأحسن منها». وأضاف: «لن نيأس، وسنمد الجسور، فقدرنا أن نتعايش... ولا بديل عن التعايش السلمي».

في عدد الأحد الماضي من صحيفة «الاندبندنت»، خبر عن الروائي البريطاني إيان ماكوين، الذي يتعرض لحملة انتقادات شديدة من قبل المسلمين في بريطانيا، بسبب احتقاره وازدرائه للإسلام «لأنه يدعو إلى قيام مجتمع أمقته بشدة»، حسب قوله.

وفي التفاصيل... نكتشف أن الرجل يكره المجتمع الإسلامي لأنه يقوم على المعتقدات والنصوص الدينية، وتقييد حرية المرأة، والأهم «عدم التسامح مع المثليين».

أية غرابة في صدور مثل هذا الكلام من روائي بريطاني، له منطلقات فكرية وحضارية مختلفة عنا؟ إلا أن الغرابة فيما يجري في بلاد المسلمين، من استمرار نبش الفتاوى التي كُتبت قبل أكثر من ثمانية قرون، يوم سادت لغة التخوين والتكفير، واستحلال دماء أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2121 - الخميس 26 يونيو 2008م الموافق 21 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً