بعد التوجه إلى الصين والهند وأوروبا الشرقية والنساء الإسرائيليات الأرثوذكسيات المتطرفات للحصول على معدّي برمجيات بكلفة منخفضة، بدأت بعض شركات التقنية المحلية الحصول على احتياجاتها البرمجية من فلسطينيي الضفة الغربية.
تقوم مؤسسة جون برايس للتدريب، وهي دائرة التدريب والنشر التابعة لـ «Matrix»، بالتفاوض حاليا مع المدير التنفيذي لشركة ASAL التكنولوجية، مراد طهبوب. مركز الشركة في مدينة البيرة وهي توفر خدمات تطوير البرمجيات إلى شركات ومنظمات في جميع أنحاء العالم. كما تخطط شركة أنظمة سيسكو «إسرائيل» لاستخدام عشرين فلسطيني عامل في مجال تكنولوجيا المعلومات.
في هذه الأثناء يعمل سبعة مهندسين فلسطينيين في مركز التصميم الإسرائيلي للشركة التي تصنع الرقائق، شركة وينبوند للإلكترونيات التي قامت كذلك بتدريبهم، وهم يعملون من مكاتب شركة ASAL في رام الله.
يقول رئيس شركة وينبوند «إسرائيل» يوناتان ليفي، أنه تعرض للمرة الأولى لفكرة استخدام الفلسطينيين قبل سنتين في اجتماع لمنظمة رؤساء الشركات الشباب (YPO)، وهي منظمة عالمية تضم 20،000 مدير شركة.
«تم تنظيم المرحلة الثانية من قبل غرفة الصناعة الإسرائيلية التي جمعت ما بين 100 إلى 150 مديرا تنفيذيا فلسطينيا في مجال تكنولوجيا المعلومات للقاء شركاء إسرائيليين. هناك قابلت مراد طهبوب الذي عرفني على ASAL ، يستذكر ليفي.
«فكرت في البداية التوجه إلى مهندسي ASAL الفلسطينيين للبرمجة على أساس تحصيل العمل في الخارج، ولكن ذلك لم يناسب احتياجاتنا الفريدة. بعد ذلك نظم رؤساء الشركات الشباب YPO اجتماعا آخر ضم أميركيين وإسرائيليين وفلسطينيين. أدركنا أنه بدلا من أن نقاتل بعضنا بعضا ونلقي القنابل، نحتاج لأن نعمل معا. خلال الفترة نفسها طلبت منّا شركتنا الأم أن نوسع نشاطاتنا في البحوث والتطوير في الصين. بدأت أفكر أنه من الأفضل توظيف مهندس فلسطيني لتطوير منتجاتنا الأقل تعقيدا، لأسباب تتعلق باحتسابات الكلفة إضافة إلى مشكلات اللغة والثقافة والمواعيد»، يقول ليفي.
أخبر طهبوب، الذي يعمل مع الشركة الإسرائيلية المبتدئة G.ho.st Global Hosted Operating System، أخبر ليفي أن توظيف خريج فلسطيني في مجال هندسة الحاسوب يكلف 1500 - 1800 دولار، أي نحو ثلث «الكلفة التشغيلية» لنظيره الإسرائيلي. «إضافة إلى ذلك» يضيف ليفي، «يتركك 30 في المئة إلى 40 في المئة من القوى العاملة مباشرة بعد الحصول على الخبرة، للعمل مع شركات معروفة أكثر مثل إنتل ومايكروسوفت».
حواجز نفسية
تُخرِّج الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية كل سنة ما بين 2500 و3000 متخصص في علم الحاسوب. لدى ASAL 35 مهنيا في تكنولوجيا المعلومات بدوام كامل و12 بدوام جزئي.
«هدفي هو إزالة الحواجز النفسية التي يضعها الإسرائيليون أمام العمل مع الشركات الفلسطينية» يقول طهبوب. «يجيد شعبنا اللغة الإنجليزية ولهم قدرات إدارية جيدة ومعرفة بالثقافة الإسرائيلية والغربية ومعرفة بمجال الحاسوب، إضافة إلى ذلك نحن في الفترة الزمنية نفسها. يعلم الجميع أن بالإمكان التعامل مع الفلسطينيين في مجال حجر البناء والرخام أو المنسوجات. لم يعلموا أن بالإمكان الحصول على عملهم في مجال تكنولوجيا المعلومات»، يضيف طهبوب.
قابلت وينبوند المرشحين الفلسطينيين ليس في مركز الشركة الرئيسي في هرتزيليا بتواه وإنما في مطعم صغير في محطة وقود على الطريق إلى مستوطنة معاليه أدوميم في الضفة الغربية. في النهاية أتم سبعة من عشرات الطلبة الفلسطينيين الدورة التي حضروها في برنامج تدريب وينبوند.
«عندما أخبرت موظفي وينبوند أننا سنوظف مهندسين فلسطينيين أعرب البعض منهم عن القلق»، يقول ليفي. «سأل البعض ما إذا كانوا سيحضرون معهم القنابل. سأل آخرون ما إذا كان من المسموح به العمل مع العدو».
«لماذا لا يتم استخدام مهندسين من الاطراف، مثل سديروت؟»
يقول ليفي: «يكلف المهندسون الإسرائيليون المبلغ نفسه، بغض النظر عما إذا كانوا من سديروت أو أي مكان آخر».
سيقول المهندس الإسرائيلي العادي إن الفلسطينيين سيسرقون وظائفهم الآن. «هذا ما سألني إياه مهندسونا في وينبوند. أجبتهم أنه إذا لم يفعل الفلسطينيون ذلك فسيفعله الصينيون».
يقول أودي غال، الذي درب الفلسطينيين لصالح وينبولد إن التجربة كانت ممتعة ولكن النتيجة ما زالت غير واضحة. «المقصد هو إيجاد مجموعة من الموظفين يستطيعون إتمام مشروع بنفسهم. ولكن أمامنا طريق طويل. من ناحية أخرى فإن فترة تدريب خريج إسرائيلي طويلة كذلك».
يقول غال إن الفلسطينيين يتخرجون من الجامعة بمعرفة أقل من نظرائهم الإسرائيليين. «هم يركزون بصورة أكبر على البرمجيات وليسوا على علم كامل بأجهزة الكمبيوتر» يشرح غال. «لم يكن التدريب سهلا كذلك. قضية تصاريح الدخول إلى «إسرائيل» معقدة بطبيعتها. يتوجب عليك تقديم طلب قبل ثلاثة أسابيع، وأحيانا عندما يتأخر الموعد لا يعود الأمر مجديا».
وماذا عن السياسة؟
يقول غال: «كنت حريصا ألا أتكلم عنها. السياسة سياسة والعمل عمل. قلت لهم حتى لو كان هناك إغلاق، إذا استطعنا إشعال الحاسوب كل صباح والعمل عبر الإنترنت فذلك مقبول. على رغم أنه ما زال هناك عمل كثير لإتمامه من الناحية الفنية فقد دهشت من الجدية والاهتمام اللذين أبدوهما».
* صحافي في «The Marker»، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2121 - الخميس 26 يونيو 2008م الموافق 21 جمادى الآخرة 1429هـ