العدد 2119 - الثلثاء 24 يونيو 2008م الموافق 19 جمادى الآخرة 1429هـ

عصر «الغوغلة» والاقتصاد المعرفي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«من الطبيعي أن تكون النتيجة المتوقعة تعليمية ومهمة جدا من حيث المضمون الجديد والإلهام... وهي فعلا لإلهام العقول الشابة وسكان العالم للتنافس من أجل حلم»... هكذا وصفت مسئولة في شركة «غوغل» مشروع جائزة الشركة الفضائي، الذي بدلا من إرسال رائد فضاء، كما كان الأمر عليه في الستينيات عندما وضع نل أرمسترونغ قدمه على القمر، سيرسل GOOGLE بريدا إلكترونيا إلى هناك.

وقال مدير الاتصال في جائزة مؤسسة X Prize بيكي رامسي: «نعتقد أنه يتعين أن يكون الفضاء مفتوحا للجميع ولاسيما الأشخاص الذين يريدون الذهاب إليه». ونضجت الفكرة أثناء حوارات بين رئيس المؤسسة بيتر ديامنديس ومؤسسي غوغل سيرجي برين ولاري بيج.

أستعيد هنا ما نقله رئيس صحيفة «الوسط» منصور الجمري قبل عام على لسان مؤسس منتدى دافوس الإقتصادي شارلس شواب واصفا دور غوغل المستقبلي في الاقتصاد العالمي «منذ الآن ستحتل الغوغلة (Googalisation) مكان العولمة (Globalisation)»، مشيرا إلى نمو «غوغل» الاقتصادي الأفقي على مستوى الخدمات التي يقدمها، وسيقدمها، ونموه العمودي على مستوى الصناعات التي ستلجها.

وإذا كانت انطلاقة «غوغل» بوصفه مجرد محرك بحث، يساعد متصفحي الإنترنت على الوصول إلى المواد التي يحتاجون إليها بمنهجية علمية، إذ لم يكن هناك حينها ما يميزه عن تلك المحركات، فإنه اختلف عنها من خلال مراحل التطور التي عرفتها خلال الـ13 سنة الماضية. لقد نما «غوغل» على نحو مختلف ليصبح في فترة قصيرة نسبيا شركة عملاقة تصل قيمتها إلى 216 مليار دولار وبحوزتها ما يزيد على 120 براءة اختراع حصدتها خلال الفترة بين 2001 - 2005.

ومن الخطوات الجريئة التي أقدم عليها «غوغل»، اتفاقية التعاون التي عقدها مع «ياهو»، أشد الشركات منافسة له، والتي أدت إلى توصل الشركتين «ياهو» و «غوغل» وهما عملاقتا محركات البحث على شبكة الإنترنت إلى اتفاق للدخول في شراكة غير حصرية بشأن الإعلانات على محركات البحث على الانترنت. وبمقتضى تلك الاتفاقية أصبح من حق شركة «ياهو» أن تبث إعلانات لـ «غوغل» على محركاتها للبحث وبعض مواقعها على الانترنت في الولايات المتحدة وكندا.

وجاءت موافقة ياهو، بعد فشلها في الوصول إلى اتفاق مع مايكروسوفت بشأن عرض الشراء الذي عرضته مايكروسوفت لشراء ياهو. ولم تخف «ياهو» الإضافة في الإيرادات التي يفترض أن تحققها تلك الاتفاقية، والتي قدرتها ياهو بإيرادات سنوية تتراوح بين 250 مليون و450 مليون دولار في العام الأول.

وعودة إلى الجائزة الفضائية التي تقدمها «غوغل» بالمشاركة مع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، والتي تعود جذورها إلى نهاية العام 2005، عندما أعلنت عن خطط لبناء مبنى بمساحة مليون قدم مربع خارج مقر «ناسا». وبعدها وفي مطلع العام 2007، عاد شركة غوغل لتعلن عن اتفاقها مع مركز الأبحاث Ames التابع لـ «ناسا»، تقوم بموجبه وكالة الفضاء بنقل صور حية ومعلومات لمحرك البحث على الشبكة العنكبوتية.

هذه السيرة المميزة لشركة فتية مثل «غوغل»، لم يتجاوز عمرها التجاري 14 سنة، تعكس نموذجا لمؤسسات الاقتصاد الرقمي أو المعرفي، الذي يتحول فيه الرأس مال البشري والمهارات التي بحوزته، والملكية الفكرية التي تتمحور خدماته أو منتجاته حولها، إلى العناصر الأساسية في تقدير قيمة المؤسسات التي تملكها والثورة الحقيقية التي تحدد الحيز الذي تحتله هذه المؤسسة أو تلك في دورة الاقتصاد الوطني.

وبموجب قوانين وآليات هذا الاقتصاد، تكتسب الأمم موقعها على الخريطة الاقتصادية العالمية. فأمام تقدم المهارات البشرية، وتنامي مكونات الملكية الفكرية، تتضاءل أحجام ودور الثروات الطبيعية، بما فيها تلك السلع الاستراتيجية مثل النفط، أو الحياتية مثل الغذاء. ويصبح دور الأمم، بموجب هذا القانون، ليس بعدد سكانها، بقدر ارتفاع حصة الأيدي الماهرة والعقول المبدعة بالنسبة إلى العدد الإجمالي للسكان.

باختصار، يتراجع الكمُّ البشري غير الماهر، والمجرد من الإبداع خطوات للوراء لصالح المهرة والمبدعين، الأمر الذي حرصت عليه شركة غوغل منذ نشأتها، ويدلل على ذلك عدد براءات الاختراع الكبير نسبيا الذي بحوزتها، في فترة زمنية قياسية لم يتجاوز عدد سنواتها أصابع اليد.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2119 - الثلثاء 24 يونيو 2008م الموافق 19 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً