دشن مركز التنوع الثقافي مبادرة «مملكة التآخي»، وقال مدير المركز محمد الزكري: «إن هذه المبادرة عبارة عن ملصق يضم قرابة 50 صورة فوتوغرافية لأفراد من مملكة البحرين، من مختلف التوجهات الفكرية والمذهبية الإسلامية، هذا الملصق سيخرج باسم مملكة التآخي».
وبخصوص الهدف من تدشين هذه المبادرة، أوضح الزكري أنه ظهرت أخيرا انتقادات خرجت في قيمتها النقدية من الإيجاب إلى السلب، ولم تلتزم بأدبيات ما يطلق عليه من العصور الإسلامية القديمة بأدب الاختلاف، هذه المبادرة لا تريد وأد حرية التعبير، ولكن نريد منها أن تعزز قيم سلوكيات التحاور السليمة، وأدبيات الاختلاف واحترام مبادئ وحقوق الإنسان، وهو سلوك لا يعدو أن يكون عودة إلى قيمنا الأصيلة، كما يجب ألا نفهم هذه المبادرة أنها تزعم أن المجتمع البحريني يفقد قيم التآخي، ولكن جل ما نصبو إلية هو أن نجعل من خصلة التآخي حاضرة في وعينا في هذه اللحظة التاريخية.
وبين الزكري أن القائمين على هذه المبادرة شرعوا في زيارات إلى مجالس ومكاتب ومنازل أفراد يودون من خالص قلوبهم أن تكون البحرين شعارا للتآخي والتعايش السلمي، واستطعنا الحصول على موافقة رجال من خيرة أبناء هذا الشعب الذين يؤمنون بهذه القيم، سواء أكانوا معروفين أم مغمورين، ولكنهم يتساوون عند حبهم للسلم الاجتماعي وتعزيز أواصر المحبة والأخوة، لافتا إلى أن هذه المبادرة حظيت بتوقيع الشيخ حسين النجاتي الشيخ صلاح الجودر اللذين تمنيا النجاح لهذه المبادرة.
من جانب آخر، وعما إذا ستفرز حركة التآخي خصلة المجاملة على حساب النقد البناء، قال الزكري: «إن العلماء الأفاضل في العصور الإسلامية المجيدة طوروا وأهدوا للبشرية علما لم يسبقهم أحد إليه، وهو علم جسد روح الاختلاف الناتج عن الاجتهادات باسم الفقه، والفقه هو نضوج لإبداع فكري في إطار الشريعة الإسلامية، وكل فقيه يتميز عن فقه المجتهد الآخر، وتلفت أجدادنا العظام إلى أهمية ألا تكون هذه الاجتهادات الفكرية مدعاة لتشتيت أمر الأمة الإسلامية الواحدة، فأنتجوا أدبيات متوازية مع أدبيات الفقه والاجتهاد، أطلقوا عليها أدب الاختلاف، فبقدر ما كان الأجداد يتمتعون بحريتهم واجتهاداتهم كانوا يراعون مشاعر الآخرين، من مجتهدين أو من أتباع هذا أو ذاك المجتهد، هذه التجربة الرائعة للحضارة الإسلامية مازالت مستمرة في مجالس البحرين، إن حريتنا الثمينة هي حرية رصينة عندما لا تخرج عن مبادئ حقوق الإنسان وأدبيات الاختلاف وسلوكيات التحاور السليمة، بشرط أن لا تمس بحرية الرأي والتعبير، وممارسة تعاليم العبادة بحسب مرجعيات الفرد».
وبخصوص المعايير التي تضمن حرية التعبير واحترام الآخر في الوقت نفسه، قال الزكري: «هذا الأمر هو أهم نقاش ستناقشه البحرين في الأسابيع المقبلة، وهذا الأمر يتطلب توافقا اجتماعيا، إذ لابد من مثقفي البحرين والمجالس ومحبي حرية الرأي، أن يتوافقوا على إخراج هذه المعادلة المقبولة اجتماعيا، ما كان مناسبا للبحرين قبل أربعين سنة قد لا يكون مناسبا اليوم، فكل حقبة زمنية تمر بها البحرين تحتاج أن تعيد على نفسها هذا السؤال، ومثل هذه الأسئلة تمر بها شعوب كبيرة مثل الشعب البريطاني، فالروائي المشهور صاحب جائزة نوبل آيان ماك أوان، يتعرض الآن إلى المحاكمة في بريطانيا، نتيجة تفوهه بعبارات تفهم على أنها تندرج تحت جريمة الكراهية، عندما قال: «أنا أمقت الإسلاميين» في إحدى المقابلات الصحافية التي نشرت خلال الأيام القليلة الماضية، هذا الرجل وهذا المجتمع وهذه الثقافة سيدخلون في حوار مشابه لما يدور حول ماهية المعايير الضامنة لحرية الرأي واحترام الآخر في آن واحد؟ وعندما يقرها المجتمع البريطاني ستتحول إلى أدبيات مقبولة (سواء مكتوبة أم غير مكتوبة) وأعرافا في المجتمع البريطاني. كذلك نحن في البحرين نحتاج إلى هذه الأدبيات ولكن يجب أن تأتي بعد طرحها للمناقشة البناءة، وأرجو من الحكومة أن تراعي مثل هذه الأسئلة في اتخاذ قراراتها بشأن القضاء على الطائفية من خلال مراجعة واستشارة المثقفين البحرينيين، لكيلا تفهم هذه الحركة الجميلة على أنها غطاء لوأد الحرية، فالمعادلة دقيقة وبحاجة إلى مشاركة لفئات مختلفة من الشعب لاتخاذ قرار يهم الجميع».
العدد 2119 - الثلثاء 24 يونيو 2008م الموافق 19 جمادى الآخرة 1429هـ