العدد 2118 - الإثنين 23 يونيو 2008م الموافق 18 جمادى الآخرة 1429هـ

مصروفات البحرين للسنة المالية 2007

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

عطفا على مقال الأسبوع الماضي الذي تناول الإيرادات، يركز مقال اليوم على مصروفات الحساب الختامي للدولة للسنة المالية 2007. فقد ارتفعت الإيرادات الفعلية بنسبة 23 في المئة إلى 2037 مليون دينار (5389 مليون دولار) على خلفية ارتفاع الإيرادات النفطية الفعلية مقارنة بتلك المعتمدة.

فقد اعتمدت السلطات مصروفات قدرها 2033 مليون دينار لكنها صرفت أقل من ذلك بنحو 11 في المئة أي 1818 مليون دينار (4810 ملايين دولار). ويعتبر هذا التراجع أسوأ من العام 2006 عندما انخفضت المصروفات الفعلية بواقع 8 في المئة عن تلك المعتمدة.

المصروفات المتكررة

تنقسم المصروفات إلى قسمين (المتكررة والمشاريع): خصصت الحكومة مبلغا قدره 1367 مليون دينار للمصروفات المتكررة (أو 67 في المئة من مجموع المصروفات) لتغطية أمور مثل رواتب وأجور القطاع العام والصيانة والسلع الاستهلاكية والرأس مالية. بيدَ أن الحكومة صرفت 1331 مليون دينار أي 97 في المئة من الأموال المخصصة لأغراض المصروفات المتكررة بسبب البطء في شراء السلع الاستهلاكية والرأس مالية.

ومن بين جملة الأمور المثيرة كشف تقرير الحسابات الختامي للعام 2007 أن الأجهزة الأمنية والعسكرية (وزارات الدفاع والداخلية والحرس زائد جهاز الأمن الوطني) صرفت مبلغا إجماليّا قدره 399 مليون دينار أي نحو 30 في المئة من مجموع المصروفات المتكررة. ويزيد هذا الرقم بواقع 10 ملايين دينار مقارنة بتلك المعتمدة. إضافة إلى ذلك، بلغت قيمة المصروفات الرأس مالية للأمن والدفاع أكثر من 44 مليون دينار ما يعني أن المصروفات الفعلية لقطاع الأمن والدفاع بلغ 443 مليون دينار.

المصروفات الرأس مالية

من جهة أخرى, خصصت السلطات 666 مليون دينار (1962 مليون دولار) للمشاريع الرأس مالية أو الإنشائية في موازنة العام 2007 للصرف على أمور مرتبطة بالبنية التحتية، مثل: الكهرباء والطرقات والإسكان وتطوير المطار والموانئ.

بيد أن الحكومة قامت بصرف مبلغ قدره 487 مليون دينار (1288 مليون دولار) من المصروفات المعتمدة للأغراض الإنشائية بواقع 145 مليون دينار أقل من الإحصاءات المعتمدة. وبلغت نسبة التنفيذ لمخصصات المشروعات الإنشائية 73 في المئة في السنة المالية 2007 مقابل 76 في المئة في العام 2006.

وكنتيجة طبيعة لزيادة الإيرادات مقابل تراجع المصروفات, تم تحويل العجز المتوقع وقدره 372 مليون دينار إلى فائض حقيقي بحجم 219 مليون دينار (579 مليون دولار).

بدورها قامت السلطات بتحويل مبلغ قدره 176 مليون دينار إلى مصروفات السنة المالية 2008 موزعة على النحو الآتي: (172 مليون دينار للمصروفات الإنشائية والباقي للمصروفات المتكررة).

وعلى هذا الأساس تم تسجيل 43 مليون دينار على شكل وفرة (أو فائض حقيقي) أي أقل بكثير عن السنة المالية 2006 عندما تم رصد 140 مليون دينار وفرة.

أسباب عدم الصرف

ويبدو أن مسألة عدم صرف المخصصات كاملة ارتبطت بأمور مرتبطة بالقدرة الاستيعابية للاقتصاد البحريني مثل صعوبة ضمان توافر مواد البناء والعدد الكافي من المقاولين لتنفيذ المشروعات التنموية. ذكر لي أحد التجار أن عددا قليلا من المقاولين يتقدمون بعطاءات للمناقصات الجديدة نظرا إلى انشغالهم بمشاريع مختلفة من القطاعين العام والخاص.

كما أن هناك سببا آخر وهو الخوف من زيادة حدة التضخم على خلفية مصروفات القطاع العام. يعتقد على نطاق واسع أن المصروفات الحكومية مسئولة جزئيّا عن ظاهرة التضخم.

ومرد ذلك أن المصروفات العامة تزيد من الطلب على بعض السلع والخدمات الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

المعروف أن الحكومة عززت من مصروفات القطاع العام في السنوات القليلة الماضية على خلفية ارتفاع أسعار النفط وبقائها مرتفعة. وقد تركزت مصروفات الحكومات على البنية التحتية مثل إنشاء الطرق الأمر الذي ساهم في ارتفاع أسعار مواد البناء.

بعض الاستنتاجات

يعتبر ما تحقق في العام الماضي تكرارا لما آلت إليه الأمور في السنوات القليلة الماضية وتطبيق المعادلة الآتية: ارتفاع الإيرادات مقابل تراجع المصروفات ومن ثم تحويل العجز المتوقع إلى فائض.

في السنة المالية 2006 على سبيل المثال، تم تسجيل زيادة بنسبة 44 في المئة في الإيرادات مقابل تراجع قدره 8 في المئة في المصروفات الأمر الذي سمح بتحويل العجز المتوقع وقدره 428 مليون دينار إلى فائض حجمه 281 مليون دينار.

بدورها قامت السلطات بتحويل 141 مليون دينار لمصروفات السنة المالية 2007 ورصد الباقي كوفرة مالية.

في المحصلة كشف تقرير الحساب الختامي للعام 2007 عن تزايد (وليس تناقص) الأهمية النسبية للقطاع النفطي الأمر الذي يجعل الاقتصاد البحريني تحت رحمة التطورات في السوق النفطية العالمية.

فقد شكل الدخل النفطي 80 في المئة من قيمة إيرادات الخزانة في العام 2007 مقابل 77 في المئة في العام 2006. وخلافا للسعودية لا تتمتع البحرين بأية قدرة للتأثير على أسعار النفط. بل إن البحرين ليست عضوا في منظمة (أوبك).

من جهة أخرى، مثلت الصادرات النفطية أكثر من 3 أرباع مجموع الصادرات في العام 2007.

يبقى أن البحرين تتحدث عن مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي عندما تشير إلى التنوع الاقتصادي. يساهم القطاع النفطي بنحو 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة (أي تلك المعدلة لعامل التضخم) مقابل 27 بالأسعار الجارية.

كما أن التأخير في تنفيذ المشاريع الرأس مالية إذ إن عدم صرف 11 في المئة من المصروفات المعتمدة لا يخدم العملية التنموية ومعالجة تحديات مثل ضمان عدم انقطاع الكهرباء خلال فصل الصيف.

أخيرا وليس آخرا، نأمل أن تتراجع الحكومة عن سياسة إقرار موازنة لسنتين ماليتين في وقت واحد لسبب جوهري وهو حدوث تغيرات في السنة الواحدة. يقتضي الصواب منح أعضاء المجلس التشريعي فرصة مراجعة المصروفات وتوجيهها لمعالجة المشكلات التي تعصف بالمجتمع مثل تحويل الأموال إلى المواطنين للتكيف مع إفرازات التضخم.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2118 - الإثنين 23 يونيو 2008م الموافق 18 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً