تقترب المملكة من الموعد النهائي لجائزة البحرين للمحتوى الإلكتروني 09، فمع نهاية هذا العام يقفل باب المشاركة في المسابقة، كي تبدأ بعد ذلك مرحلة تقويم الأعمال المشاركة والإعلان عن تلك الفائزة منها. مسيرة طويلة قطعتها اللجنة المنظمة منذ تشكيلها، أنجزت خلالها الكثير من الأعمال.
ربما يكون من المبكر اليوم الخروج باستنتاجات ذات علاقات بالأعمال المشاركة، أو مسيرة الجائزة ذاتها، لكن الوقت مناسب للحديث عما للجائزة من مدلولات، وما تمخصت عنه من تفاعلات في سوق صناعة وتجارة المعلومات البحرينية.
أول تلك الأمور، هو ما حققته اللجنة من علاقات مع مجلس للجائزة العالمية (WSA)، الذي بدأ يدرك ما توليه مملكة البحرين، على صعيد مؤسسات القطاعين العام والخاص، من اهتمام متنامٍ لمثل هذه الأنشطة. أدت هذه المبادرة إلى وضع البحرين، على رغم محدودية حجمها السكاني، وصغر رقم الناتج الإجمالي المالي العام، مقارنة مع الدول المحيطة بها، وحداثة ولوجها صناعة تقنيات الاتصالات والمعلومات، ناهيك عن قلة عدد المؤسسات، مقارنة مع الدول المحيطة، العاملة في قطاع المعلومات والاتصالات... على رغم كل تلك العوامل، في أن تثبت للقمة العالمية أن «المنامة» بوسعها أن تكون إحدى العواصم العربية المتميزة في هذه الصناعة، وتحقق استمرار حيازة البحرين على مقعد في صفوف لجنة التحكيم العالمية، التي ستجتمع في الربع الأول من العام المقبل كي تختار الأعمال الفائزة على المستوى العالمي.
ثاني تلك الأمور، الحركة الإيجابية التي ولدتها الجائزة في نطاق السوق المحلية، فقد مارست الاتصالات المباشرة التي قامت بها اللجنة مع المؤسسات البحرينية ذات العلاقة، والإعلانات في الصحف المحلية، إلى جانب المؤتمرات الصحافية التي عقدت من أجل الترويج للجائزة، وخلق الوعي بأهميتها. وهكذا دبت في السوق البحرينية حركة واسعة من الحوارات، صاحبتها حركة موازية من النقاشات ذات العلاقة بتحسين المحتوى الإلكتروني لتلك المؤسسات.
ثالث تلك الأمور، وهذه هو الأهم، أن العديد من المؤسسات الضالعة في صناعة المحتوى، وخصوصا منها تلك التي تتولى بناء المواقع الإلكترونية، سارعت إلى تحسين مستوى إنتاجها من خلال تطوير الكادر القائم فيها، والاتصال بمؤسسات عالمية من أجل تأهيل ذلك الكادر والارتقاء بمهاراته، وكفاءة أدائه الإنتاجي والمهني.
رابع تلك الأمور، ما يمكن أن ينجم بعد الانتهاء من إجراءات التحكيم وإعلان النتائج، فمن الطبيعي أن يكون بين الأعمال الفائزة ما يستحق أن يدخل جائزة المحتوى العالمية التي يتولى إدارتها مجلس الجائزة العالمية، والتي نتوقع من اللجنة أن تستكمل إنجاز المسئوليات الملقاة على عاتقها، فتبادر إلى اختيار المناسب منها، ومن تجد لديه مقومات الفوز كي تنقله إلى المستوى العالمي. والحديث عن العالمية هنا لا يقتصر على الترشح والمشاركة، بقدر ما يتطلب تدخل اللجنة المباشر من أجل تحسين مواصفات العمل ذاته، وتهيئته كي يكون حظه اوفر في النجاح، الأمر الذي يحول عمل اللجنة من المؤقت إلى الدائم. لقد باتت المسافة التي تفصل الطامحين في الفوز واحتلال المكانة التي تليق بأعمالهم قصيرة جدا، إذ إن نهاية هذا العام (31 دسمبر/ كانون الأول 2008) سيكون آخر موعد لتسليم الأعمال، وقد أضافت اللجنة البحرينية، انطلاقا من دراستها لواقع السوق البحرينية، فتئتين جديدتين هما: الخدمات الإلكترونية المصرفية (ebanking)، والخدمات الإلكترونية الإعلامية (emedia).
ليس هناك من لا يدرك التحديات التي تقف أمام الأعمال المشاركة، فعلى رغم وطنية الجائزة، بمعنى أن المشاركة فيها محصورة في المؤسسات البحرينية، فإن المقاييس المعمول بها في الحكم على الأعمال ذات مستوى عالمي، وهذا كان من أهم الأسباب التي دفعت اللجنة المنظمة للاستعانة بمجموعة من الخبراء الأجانب الذين طعَّمت بهم اللجنة سوية مع الحكام من السوق المحلية. أمام هذه الإنجازات التي تحققت خلال هذه الفترة القصيرة من حياة جائزة البحرين للمحتوى الإلكتروني 09 واللجنة التي تكونت من أجلها، وفي ضوء كل التطورات التي رافقت أعمال اللجنة، نجد أن الوقت حان كي ينبثق في البحرين شكل من أشكال العمل المؤسساتي كي يكون مسئولا، على المستويين المهني والتجاري، عن صناعة تقنية الاتصالات والمعلومات. فكما أن جمعية البحرين للإنترنت أخذت على عاتقها، وحققت الكثير من النجاحات على صعيد الإنترنت والأنشطة المتعلقة بها، نأمل أن نشهد قريبا مؤسسة تأخذ على عاتقها مثل هذه المهمة ولكن على نطاق أوسع يشمل كل أوجه تلك الصناعة وانشطتها المرافقة لها أو المتولدة عنها
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2302 - الأربعاء 24 ديسمبر 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1429هـ