أكتب بحرية الذي يذهب إلى الحياة باعتبارها اختراعه. وأكتب بحرية الذي يجد أن تلك الحياة أضيق من أن تستوعبَ جنونه وانفلاته؛ فيقفز منها إلى حياة أكثر رحابة واستيعابا لجنونه وانفلاته.
الكتابة بحرية تعني حضور حاسة الفرز وبديهة التمييز بين ما ترصده... تكتبه بحرية بالغة، وبين ما يراد لك أن ترصده وتكتبه. فثمة برزخ بحجم الفارق بين يقظتك وغيبوبتك.
حين تكتب تعيد الاعتبار للحياة قبل أن تعيد الاعتبار إليك. اعتبار أن تكون في المركز من تلك الحياة.
حين تكتب، تتجرأ بالقول – وذلك حق - : «إذا كانت الحياة تعيد صوغ مفاهيمنا ورؤيتنا لما نحن عليه؛ فالكتابة تعيد صوغ مفاهيم ورؤية الحياة. كل من موقعه».
أن تكتب يعني أن تتجاوز حواسك المعهودة. حواسك الجاهزة. لأن الكتابة خارج جاهزية الحواس هي مابعد تلك الحواس بمراحل، وتقفز على تلك الجاهزية بأمداء شاسعة.
تحاول أن تصغي لنداء ما في الداخل. نداء يحاول أن يوجهك إلى ارتكاب استفزاز ما. تمرد ما. ولكن هل بالضرورة أن يكون مثل ذلك النداء في الصميم من إعادة الاعتبار ذاك؟ في الصميم مما بعد تلك الحواس؟ هنا فقط يكمن الفارق بين كاتب يذهب إلى الكتابة، وآخر تأتيه.
الموعوكون بالكتابة في ذروة صحتهم وإن انتابهم الوهن العرضي. بل وإن تجاوز إلى افتراس غول ما أجسادهم فتكا وتدميرا لأبنيتها. الموعوكون بالكتابة في حال فيض من العافية. عافية النظر إلى عمق العالم والأشياء والتفاصيل. عمق الرؤية من الداخل.
***
- الوقت: «ميزان» يؤدي لـ «اختلال» ما...
- يناور بعضنا في فهم لغز اللون...
- ينتبه الحصان على فضاء العشب...
- تنهار السماء إذا انتحرنا صدفة...
- قال المغنِّي: كنتُ ظلَّ «الصمت» قبل غيابه في «الصوت»..
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 2302 - الأربعاء 24 ديسمبر 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1429هـ