يجابه المسلمون الأميركيون من أصول إفريقية مشكلين نقطة خروج عمّا يسمى «صدام الحضارات» الادعاء القائل إن العداء أمر لا محال منه بين الغربيين والمسلمين.
في غياب أي ارتباطات تاريخية مع الدول والأمم الحديثة في الخارج، تشكلت شخصية المسلمين الأميركيين من أصول إفريقية بشكل كامل نتيجة للتجربة الأميركية. «أميركيتهم» طبعا لا تقبل التحدي. ولكنهم على رغم ذلك مسلمون بشكل كامل.
يملك المسلمون الأميركيون من أصول إفريقية جذورا في أميركا يبلغ عمرها أربعة قرون. وهم يوفرون للجالية الأميركية المسلمة الأوسع رابطا فريدا مع الغرب، لا يوجد عموما في أوساط الجاليات المسلمة في أوروبا. يقدم هذا الرابط طرحا مساندا لكل المسلمين في أميركا ويعطي المسلمين من أصول إفريقية دورا ناشطا في جَسر الفجوة بين الغرب والعالم المسلم.
بعكس المسلمين الذين هاجروا إلى أوروبا، يشكل المسلمون الأميركيون مجموعة سكانية محلية مهمة. يملك هؤلاء السكان - وهم أميركيون من أصول إفريقية بشكل كاسح - رابطا لا يمكن دحضه مع أميركا. وفي الوقت الذي حاولت مؤسسة العبودية محو الأديان واللغات والممارسات الثقافية، جرى الحفاظ على التراث الأميركي المسلم من أصول إفريقية من خلال مساهمته التاريخية في الحرية والعدالة والمساواة.
أفاد الدور الذي شكّله الأميركيون من أصول إفريقية لأنفسهم جميع الأميركيين، وكل الشعوب في أنحاء الأرض في الواقع. فقد مهد كفاحهم - وخاصة أثناء حركة الحقوق المدنية - الطريق لممارسة الإسلام في أميركا بأسلوب غير موجود في دول غربية أخرى حتى في بعض الدول ذات الغالبية المسلمة. على سبيل المثال، أعطت المادة السابعة من قانون الحقوق المدنية للعام 1964 المسلمين حق حضور صلاة يوم الجمعة وأعطت المرأة حق ارتداء الحجاب في مكان عملها والمدرسة.
لا يعطي قانون الحقوق المدنية لصاحب عمل الحق في «أن يحدد أو يميز أو يفصل أو يصنف موظفيه بأي شكل يمكن أن يحرمهم أو ينزع لأن يحرم أي فرد من فرص العمالة، أو يؤثر بشكل شديد على وضعه موظفا، بسبب عرق ذلك الموظف أو لونه أو جنسه أو جذوره الوطنية» (الجزء 713، (أ)، (2)).
وقد تحدت الحركة نفسها أميركا لتخاطب المشكلات الاجتماعية الناتجة من سيادة الرجل الأبيض وفتحت الباب أمام قانون الهجرة للعام 1965، الذي كان له الأثر في زيادة عدد المهاجرين المسلمين إلى حد بعيد إلى أميركا من جنوب آسيا.
لقد استفادت الجالية المسلمة الأميركية من غالبية أعضائها المنتمين إلى الجالية الأميركية من أصول إفريقية، وهم مجموعة تجسّد وعي أميركا في ما يتعلق بالحقوق المدنية والإنسانية. قد يكون الإدراك المتزايد لأهمية هذه المجموعة السكانية داخل الجالية الأميركية المسلمة أمرا حديثا، إلا أن قيمته قد سبقت إدراكه.
لقد حصل المسلمون - محليا ودوليا - على القوة والتمكين من جانب الرواد الأميركيين من أصول إفريقية، من أول قاضٍ مسلم في أميركا وأول نائب مسلم لعمدة ديترويت آدم شكور، إلى أول عضوين مسلمَين في الكونغرس الأميركي كيث إليسون (ديمقراطي من مينيسوتا) وأندريه كارسون (ديمقراطي من إنديانا). الفوائد الملموسة - مثل إدخال تشريعات محلية تأخذ في الاعتبار اهتمامات المسلمين والتصويت بتفهم أكبر من رجل الكونغرس الأميركي العادي لقضايا تتعلق بالعالم الإسلامي - واضحة للعيان. المكافأة الأعظم للمسلمين إذا هي مكافأة الأمل.
إذا تغلب هؤلاء المسلمون على تجربة التهميش في الحصول على مراكز بالانتخاب في أميركا فقد يكون جميع الأميركيين المسلمين يملكون الاحتمالات نفسها.
يستطيع المسلمون في إفريقيا وآسيا وأوروبا أن يتمسكوا بفكرة أن إذا استطاع المسلمون من أحفاد العبيد الأميركيين أن يحصلوا على الاحترام في المجتمع الأميركي على اتساعه، فقد يمكن لأميركا أن تمر بعملية إصلاح صحية لسياستها الخارجية وتقوّم العالم المسلم بمنظور أكثر توازنا.
تتمتع فكرة جيفرسون بأن «جميع الناس ولدوا متساوين وقد أعطاهم الخالق حقوقا معينة لا يمكن إنكارها، من بينها الحياة والحرية والسعي لتحقيق السعادة» بتبعية قوية بين المسلمين الأميركيين من أصول إفريقية. بهذا التاريخ الثري والشرعية التاريخية بصفتهم أميركيين سيستمر المسلمون الأميركيون من أصول إفريقية بكونهم عناصرَ حيوية في السعي لتحقيق حياة أفضل للمسلمين في كل أنحاء أميركا، وسوف يستمرون في أن يكونوا حلقة ربط روحية بين أميركا والعالم المسلم.
* المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية في ميشيغان، وإمام مساعد لمسجد والي محمد في ديترويت - ميشيغان، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2117 - الأحد 22 يونيو 2008م الموافق 17 جمادى الآخرة 1429هـ