كنا نتوقع أن تبادر شركة ممتلكات في الرد على إدعاءات بتلكو بأنها تسلمت الضوء الأخضر لتسريح عمالها على الأقل من منطلق إبراء ذمتها من جهة وتأكيد اهتمامها بالبعد الاقتصادي والاجتماعي في إدارتها لثروات هذا الشعب والذي يمثل العمال المسرحين وعائلاتهم شريحة مهمة في هذا المجتمع من جهة أخرى.
لكننا وكالعادة اطلعنا على تصريحات مسئولي الشركة انها بصدد بيع أسهم هذا الشعب وجزء من ثرواته للقطاع الخاص من دون رؤية واضحة وتحديد شفاف لكيفية توجهها لاستثمار أموال قيمة هذه الأسهم السوقية التي يملكها بالأساس هذا الشعب من أجل تنمية ثرواته.
عموما ليست هذه هي المشكلة الوحيدة التي نعانيها من توجهات شركة ممتلكات سواء على مستوى التخطيط أو على مستوى الشفافية اذ انها أي الشركة تدعي أن السبب الرئيسي في إنشائها هو إدارة ثروات هذا البلد بمهنية عالية والحفاظ عليها ومجابهة الفساد الإداري والمالي الذي تفشى في الشركات التي تساهم فيها الدولة ممثلة لهذا الشعب بغالبية واضحة وفرت لها قدرة متناهية في وضع إستراتيجيتها وسياساتها ونشاطها وإدارتها.
وكل ذلك كلام جميل نتفق معه جملة وتفصيلا، لكن المهم ليس العنوان وإنما فحوى وجدية الممارسة والترجمة الفعلية لهذا التوجه. وعلى هذا الأساس كان التوجه الرئيسي عند إنشاء الشركة هو إدارة ثروات هذا الشعب بمهنية عالية ومعالجة ملفات الفساد في تلك الشركات وأهمها طيران الخليج وقطاع الألمنيوم وهنا لا أخص شركة ألبا فقط وإنما مجمل شركات الألمنيوم التي تمتلك الدولة حصة مهمة فيها كدرفلة الألمنيوم مثلا.
ومن هذا المنطلق خرجت علينا ممتلكات بإدعاءات في النيابة العامة ضد الكثير من الأشخاص، وكلنا تابعنا تصريحات مسئوليها وتصريحات النيابة العامة الإعلامية والتي تمخضت عن تقديم بعض العاملين في شركتي ألبا وطيران الخليج للنيابة العامة مصحوبا بحملة إعلامية تتحدث عن مبالغ زهيدة في طيران الخليج واتفاق صلح مع أحد العاملين فيها واتهامات لم تستطع إثباتها في قضية متهمي ألبا وتعمية كاملة عن موضوع الملياري دولار الذي ادعت الشركة بأنها تمتلك من الأدلة ما دفعها إلى رفع قضية لدى القضاء الأمريكي ضد شركة الكوا الأميركية. والمشكلة هي فيما إذا كانت ممتلكات قد حسبت قضيتها جيدا، خصوصا مع دخول وزارة العدل الأميركية وشركة إدارة أموال المتقاعدين في هاواي على الخط ما عقد وضع القضية وأبعدها من إمكانية حتى الوصول إلى صلح جانبي.
وعلى رغم كل ذلك فمازلنا نقول ان المشكلة لا تكمن في كل ذلك وإنما في قضية إن من يريد حقا أن يعالج ملفا كملف الفساد الإداري والمالي أن يسعى أولا إلى إيقاف النزيف المستفشي واختيار قيادات مؤهلة وتمتلك الكفاءة لمعالجة وضع هذه الشركات وأدائها. فإن كان هناك حقا فسادا إداريا وماليا في هذه الشركات كما تدعي ممتلكات فإن القائمين على هذه الشركات غير مؤهلين لا لمعالجته ولا للقضاء عليه، ودليلنا العقلاني على ذلك منطقي صرف، فإن كان هناك فساد إداري ومالي كما تدعي «ممتلكات» فقد تم تحت أعين هذه القيادات والإدارات، ولذلك فهي غير مؤهلة لا لمعالجته ولا للقضاء عليه ولا لمحاسبة المسئولين عنه.
والأدهى من ذلك ان «ممتلكات» تنشط وكأن هذا البلد ليست ولادة وليس بها لا كفاءات ولا مؤهلات ولا مواطنين يمتلكون مهنية عالية لقيادة هذه الشركات بمهنية عالية، بل وتستمر التعيينات كما تعودنا عليها سابقا في البحرين على أساس من الولاء والعلاقات العائلية أو الاجتماعية، وهنا أشير إلى مقال الأخت سوسن الشاعر الأسبوع الماضي عندما ناقشت موضوع التمييز الذي تمت إثارته في أمانة مجلس النواب، فنحن نضم صوتنا إليها في أنه من الضروري أن يتم التعيين للمناصب والمواقع في الشركات والمؤسسات من منطلق الكفاءة ومستوى الأداء المهني وليس على أساس طائفي أو عائلي أو قبلي أو أي ولاءات اجتماعية وسياسية أخرى.
ونتساءل ويتساءل معنا قطاعات واسعة من شرائح هذا المجتمع متى ستتحرر الأجهزة التنفيذية في الدولة ومراكز القرار من سياسة «ليس في هذا البلد إلا هذا الولد»، ومتى سيستفيد هذا البلد من كفاءاته وقدراته وأبنائه دون محاباة أو تمييز... عجبي.
إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"العدد 2116 - السبت 21 يونيو 2008م الموافق 16 جمادى الآخرة 1429هـ