الحديث عن العلاقات العامة في المؤسسات الحكومية حديث طويل جدا وبالخصوص بالنسبة للمؤسسات الرسمية في البحرين، وبشكل دقيق عندما يكون الحديث عن العلاقات العامة في الأجهزة الأمنية.
قبل أيام طالعتنا وزارة الداخلية بتصريح على لسان القائمين على الإعلام الأمني بأن وزارة الداخلية حققت ما لم تحققه أية وزارة أخرى من خلال إغراقها الوسائل الإعلامية بأكثر من 7 آلاف «إطلالة صحافية للوزارة خلال العام 2007».
بالنسبة لي ومن خلال علاقتي الوثيقة بالرائد محمد بن دينة منذ أن كان مسئولا عن العلاقات العامة في الإدارة العامة للمرور وحتى تسلمه مهمات الإعلام الأمني بوزارة الداخلية فأنا أقول من باب الأنصاف إن هذا الرجل ناجح في أي منصب علاقات عامة يتولاه، عدا أن يكون في مكان كوزارة الداخلية البحرينية التي مازالت تحمل في أذهان الناس صور عقد تسعينيات القرن الماضي، إذ من الصعب أن يكون هناك رجل علاقات عامة قادر على أداء عمله الصحيح بسلاسة ومهارة حقيقية في ظل سوء العلاقة القديمة بين هذه المؤسسة والجمهور، هذه النقطة كانت محل خلاف كبير بيني وبين الرائد بن دينة عندما كان في المرور.
كنت أسأله كيف يرى الشارع البحريني شرطي المرور؟ والآن أسأله أيضا كيف يرى المواطن رجل الأمن؟ صحيح أن وزارة الداخلية أطلت علينا بحسب ما تقول بـ 7 آلاف إطلالة، ولو أني اشك في ذلك لقربي من العملية وأرى أن وزارة التربية هي المتصدرة في هذا المجال من ناحية كم الأخبار والتقارير التي ترسلها إلى الصحافة يوميا، فإن المشكلة الحقيقية ليست في كم من الأخبار التي ترسل بل في نوعها وأهميتها، والأهم من كل ذلك صدقيتها لدى الجمهور.
كم تمنيت من الرائد بن دينة أن يقوم باستطلاع حقيقي لمعرفة مدى الصدقية التي تتمتع بها أخبار وزارة الداخلية، إذ المهمة الرئيسية لدور رجل العلاقات العامة قياس رضا الجمهور الذي يخاطبه لمعرفة الخلل والعمل على إصلاحه إن كان يهم ذلك، ليجب على سؤالي السابق بشأن رجل المرور ورجل الأمن في عيون الناس.
من جانب آخر، بيانات النفي الدائمة والمتكررة للوزارة، هل تعكس مدى صدقية الوزارة في التعاطي مع أراء الجمهور، وخصوصا أن الشعب البحريني يعد جمهور الوزارة الرئيس، وهل أن أخبار الوزارة تتمتع بحس صادق، إذا ما قلنا إن أهم تعريف للعلاقات العامة هو «الأداء الصادق والإعلام عنه».
منذ أيام طالعتنا وزارة الداخلية بنفي شديد لاستخدامها الطلقات المطاطية لتفريق المتظاهرين والمعتصمين، وهي بهذا النفي تستخف بعقول الناس الذين اعتادوا على مشاهدة هذه الطلقات في معظم المسيرات والتظاهرات بشكل لا يمكن تكذيبه، إلا من قبل الوزارة نفسها فقط، وهي بالتالي فقدت أهم ميزة للعلاقات العامة وهي «تحسين الصورة الذهنية».
الشيء الوحيد الذي أجده في وزارة الداخلية صوابا هو الهروب من تسمية دائرة العلاقات العامة إلى مسمى الإعلام الأمني، وبالتالي فإن هذه الدائرة غير معنية بمفهوم العلاقات العامة وعلاقتها بالجمهور وتحسين صورتها، وإنما بإغراق الصحف ووسائل الإعلام بإطلالتها اليومية فقط لتكسر الأرقام القياسية في الإطلالة والنفي.
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 2115 - الجمعة 20 يونيو 2008م الموافق 15 جمادى الآخرة 1429هـ