قبل أيام قليلة مضت قرأت في إحدى المجلات الأجنبية أن إحدى المطربات البريطانيات تبلغ من العمر 35 عاما - معشوقة الشباب الأولى والنموذج المثالي لفتيات الأحلام بالنسبة إليهم - سقطت من على المسرح أثناء إحيائها لحفلة من حفلاتها بعد إصابتها بإغماءة مفاجئة علل الأطباء سببها بإسرافها في استخدام حقن «السيليكون» التي تُستخدم عادة في عمليات التجميل لـ «تلغيم» الأجزاء المراد تكبيرها في الجسم. وبحسب ما ورد في الخبر، فإن المطربة قامت بحقن جميع أجزاء جسمها بهذه المادة الخطيرة لكي تبرز من جسدها ما نراه من «بروزات وانبعاجات» مثيرة للغرائز والأحاسيس جعلت ملايين الشباب في شتى أنحاء العالم العربي يهيمون بها حبا وهياما، وهم لا يدرون أنها ليست سوى كتل «سيليكون» متحركة.
وفي تعليق لأحد أطباء التجميل الذين يتابعون وضعها الصحي عندما سأله أحد الصحافيين عن وضعها الصحي قال: الفضول قتل العجوز! فعمرها ليس الذي تعرفه الصحافة، بل هو أكثر مما تعرفون، وحقن «السيليكون» لا تتناسب مع عمرها الحالي.
الله خير وخاتمة خير... يرى المحللون أن السبب المباشر لتفشّي هذه الظاهرة هو أغنيات «الفيديو كليب» العارية، التي تعتبر أن جسد المطربة وكم العُري المعروض منه من أهم عوامل نجاحها، حتى صار لسان حالها يقول: «قليل من الغناء، كثير من العُري»، فلقد جاءت أغاني «الفيديو كليب» كإحدى خصائص الثقافة الاستهلاكية؛ إذ تركز على أجساد الفتيات لما للحركات الإيحائية التي تتم من خلال الجسد من تأثير مباشر على حواس المشاهد، فضلا عن أن معظم مشاهد الكليب تم تصويرها ما بين حمام السباحة وغرفة النوم والبار.
لقد بلغ جنون كثير من الفتيات والنساء بالجمال بسبب هذا التأثير المفرط جدا حدا لا يوصف، والصحف والمطبوعات العربية تعجّ يوميا بدعايات وإعلانات برّاقة عن الخدمات التي تقدمها مراكز التجميل من عمليات شفط الدهون، وشدّ الأجزاء المترهلة، والتكبير والتصغير، وإزالة غير المرغوب فيه، وقائمة طويلة عريضة من الخدمات الأخرى التي يسيل لها لعاب كثير من النساء الباحثات عن القوام الرشيق والراغبات في مزاحمة المطربات ومذيعات الفضائيات على عرش الجمال... كل ذلك من دون أن يحسبن حسابا لمدى خطورة إجراء مثل هذه العمليات وما قد يتبعها من مضاعفات جانبية خطيرة يحرص كثير ممن يطلقون على أنفسهم «خبراء» و«خبيرات» التجميل على إخفائها عن مسامع زبائنهم، واضعين نصب أعينهم الأموال الطائلة التي سيجنونها من إجراء تلك العمليات السحرية.
إننا نهيب بكل امرأة أن تحَكِّم عقلها قبل التفكير في إجراء أية عملية تجميل، وتضع نصب عينيها حقيقة أن 99 في المئة من فنانات ومطربات هذه الأيام هن زبائن دائمات لدى تلك المراكز والعيادات، وأن «النيولوك» الذي تظهر به فنانتها المحبوبة الذي تحاول جاهدة تقليده، يعود فضله إلى عمليات «الصبغ والسمكرة» التي تجرى على يد أمهر خبراء التجميل في أرقى العيادات والمراكز الأوروبية.
العدد 2115 - الجمعة 20 يونيو 2008م الموافق 15 جمادى الآخرة 1429هـ