حديث طويل أمده ممتد إلى سنين قديمة، استخرج من بين الصحائف المصفرة؛ لدعم سعي دولة كي تفرض سيادتها على أرض وشعب ناشد استقلاليته وعروبته وعدم انتمائه سوى لأرضه.
السيادة الإيرانية على البحرين هي القضية التي طالما أثارت جدلا تاريخيا، استنفرت له دول العالم؛ كي تحقق الإنصاف لذلك الشعب، الذي اختار أن يستقل بذاته، دون أن يكون تابعا أو تحت وصاية أي دولة أخرى، فيما كانت تجاهد تلك الدولة بحكم شاهها محمد رضا بهلوي لأن تكون المسيطرة على هذه البقعة، وتضيفها إلى امبراطوريتها العظيمة.
الباحث والكاتب حسين محمد البحارنة اختزل حديثا طويلا في هذا الشأن، والكثير من الأحداث والمداولات التي شهدها العالم في نزاع السيادة ذلك، واستخلصه في كتاب دشنه الأسبوع الماضي بمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث تحت عنوان «دعوى إيران بالسيادة على البحرين وطريقة حلها سلميا بوساطة الأمين العام للأمم المتحدة».
تحدث الكتاب الذي قدمه البحارنة في عجالة خلال حفل تدشين الكتاب عن مطالبات إيران بالبحرين تاريخيا، بدأها متسلسلة بحسب المراحل العمرية الدراسية التي مر بها حينما كان صغيرا، وتزامنها مع تدرجه في الوظيفة، حتى دخوله في مجموعات التفاوض مع شاه إيران على ملكية البحرين.
البحارنة قدم في هذا الكتاب تأريخا لما كان يدور في تلك الفترات من أحداث، ماذا كان يفعل، وماذا كان دوره في العملية، موجزا في طرح مبسط ذكر أسباب التنازع على تسمية منطقة الخليج العربي بالخليج الفارسي، التي عزاها إلى كون منطقة البحر الأحمر كانت تسمى آن ذاك الخليج العربي، ولم يتح ذلك في حينه المجال لتسمية منطقة الخليج العربي (حاليا) بالخليج العربي، ودرج تسميته حينها الخليج الفارسي.
في هذه النقطة، علّق البحارنة على أن موضوع التسمية غير محبب، إذ إن «التسميات هي تسميات، وليس لي وجهة نظر فيها».
وذكر البحارنة عن تفاصيل تدخل الأمين العام لجامعة الدول العربية في المفاوضات مع الشاه والأمين العام للأمم المتحدة، وعن طرح فكرة الاستفتاء الشعبي لاختيار الحكم الذاتي أو التبعية لإيران، مؤكدا أن الشعب صوّت حينها بالاستقلال والعروبة والسيادة التامة لشعب البحرين على أرضه.
وجاء في مطلع الكتاب أن فكرة كتابته بدأت مع تصريح مستشار المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي ورئيس تحرير صحيفة «كيهان» الإيرانية حسين شريعتمداري عن تبعية البحرين لإيران، والضجة التي حدثت بعد ذلك في البحرين، إذ يعد الكتاب مساهمة في توضيحه وضع البحرين للتوصل إلى حل لهذا الخلاف، بصفة البحارنة أحد أعضاء الوفد الحكومي للتفاوض مع حكومة الشاه.
وجاء في الكتاب أن تاريخ إثارة إيران هذا النزاع بمطالبتها بالبحرين يعود إلى العام 1820، حين عقدت آنذاك شركة الهند الشرقية التي كانت تتولى إدارة شئون الخليج باسم الحكومة البريطانية معاهدة سلام عامة مع شيوخ ساحل عمان، إذ اعترضت حكومة فارس على انضمام شيخ البحرين لهم، بحجة أن البحرين تابعة للحكم الفارسي ولا حجة لبريطانيا في عقد معاهدة معه، إذ استندت الحكومة الفارسية الشاهنشاهية إلى مبررات سياسية وقانونية لتبرير أحقيتها في المطالبة بالجزر.
وذكر الكتاب أن العام 1970 شهد الوصول إلى اتفاق مع الأطراف لحلّ النزاع التاريخي، حين صادق مجلس الأمن الدولي في اجتماعه بالإجماع على تقرير المندوب الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، بعد تحريه الحقائق في البحرين، بأن الغالبية الساحقة تريد أن تنال الاعتراف بذاتها ضمن دولة مستقلة ذات سيادة تامة، لها القدرة على بناء علاقاتها الخاصة مع الدول الأخرى
العدد 2113 - الأربعاء 18 يونيو 2008م الموافق 13 جمادى الآخرة 1429هـ