العدد 2113 - الأربعاء 18 يونيو 2008م الموافق 13 جمادى الآخرة 1429هـ

مَا حَدَا مِمَّا بَدَا

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عندما تُشكّك طهران اليوم في موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية تجاه برنامجها النووي فإن ذلك يبدو أكثر من حقيقة. وربما يتّضح ذلك جليا عندما يتمّ تناول الموضوع بذاكرة نشطة، وربط أحداث ذلك الملف بمزيد من الإحكام.

ففي تقرير الوكالة الدولية الأخير والذي صدر في السادس والعشرين من مايو/ أيار الماضي وما أعقبه من مواقف، جرى تحوّلٌ ديناميكي في موقف الوكالة، فقد كشف رئيس فرق التفتيش التابعة لها أولي هاينونن، خلال اجتماع مغلق جمعه مع ديبلوماسيين فيها أن معلومات جُمِعت من عشر دول تشتبه في أن طهران أجرت سابقا بحوثا عن «عسكرة» برنامجها النووي.

الغريب أن هاينونن تحدث بريبة غير معهودة خلال اللقاء عن وثيقة «معدن اليورانيوم» وهي ذات الوثيقة الواقعة في خمسة عشر صفحة والتي تبيّن عملية تحويل اليورانيوم إلى كرتين نصفيتين كتلك المستخدمة في الرؤوس النووية. وهنا يقع الحديث في «شكِّية» إيران لموقف الوكالة.

فهذه الوثيقة حصلت عليها الجمهورية الإسلامية في العام 1987 من السوق السوداء ومعها معلومات حول تصميم أجهزة الطرد المركزي من طراز B1 المستخدمة لتخصيب اليورانيوم. وكانت الوكالة تُطالب بها منذ الربع الأخير من العام 2005 وقدّمتها إيران بشكل رسمي في منتصف العام الماضي.

ومن يُراجع تقرير البرادعي ما قبل الأخير والصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2007 سيرى أن التقرير كان إيجابيا على رغم تضمينه ذات الوثيقة إلى الحد الذي دفع السفير الأميركي لدى الوكالة غريغوري شولته إلى وصف التقرير «بغير الإيجابي» داعيا مجلس الأمن لأن يتحرك لإصدار قرار عقوبات جديد.

والأكثر أن قائد القيادة الأميركية في المحيط الهادئ (القائد السابق للعمليات البحرية الأميركية في الخليج) الأميرال تيموثي كيتنغ قال حينها ان «الآلة العسكرية الأميركية لم تضعف بعد أربع سنوات من القتال في العراق، وأنها مستعدة أكثر من أي وقت مضى لمواجهة أي تهديد إيراني»، وهو ما يعني رفضا أميركيا متطرفا حينها لما جاء في التقرير.

وإذا كان التقريران الصادران في نوفمبر 2007 ومايو/ أيار 2008 يحتويان على ذات الوثيقة لكنهما لا يتّفقان في توصيفها فإن الأمور لا تعدو كونها عملية «تسييس» واضحة لموقف الوكالة من البرنامج النووي الإيراني، إذا ما عُرف أن موقفها من هذه الوثيقة هو موقف دراية لا رواية في أصل استحصالها والتحفظ عليها قانونيا.

بالتأكيد فإن ما جري بين التاريخيْن هو أمر محل نظر. وإذا كان مجلس الأمن برمته يُجيّر بدون رحمة للسياسات الأميركية، فكيف بالوكالة الدولية للطاقة الذرية رغم الممانعة «البرادعية» بين الفينة والأخرى لتلك الضغوط.

برأيي فإن حديث الوكالة عن تلك الوثيقة والذي جاء قبل أسبوعين من تقديم الأوربيين للحوافز الجديدة لطهران كي تتخلّى عن برنامجها في عمليات التخصيب مُرتبط بلا أدنى شك بأصل تلك الحوافز.

فالأوربيون يرون أن الضغط على طهران عن طريق التشكيك في سلمية برنامجها النووي قد يدفعها إلى أن تُقلّل من موقفها «الراديكالي» في المفاوضات بشأن الحوافز، خصوصا وأنها رفضت ذات العرض في العام 2006.

هذا المنعطف في علاقة الوكالة بطهران يبدو أنه جولة أخرى من جولات الدبلوماسية القاسية بين الطرفين بالإضافة إلى حديثها مع الأوروبيين والأميركيين، وإذا ما أصرّت الدول الغربية في أن تُزيح عن خطاب طهران تابو وقف التخصيب فإنها بالتأكيد لن تكسب شيئا، هذا على الأقل ما بيّنته مسيرة الملف النووي الإيراني منذ اتفاق سعد آباد وباريس

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2113 - الأربعاء 18 يونيو 2008م الموافق 13 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً