العدد 2113 - الأربعاء 18 يونيو 2008م الموافق 13 جمادى الآخرة 1429هـ

مشاريع الزواج الجماعية ما لها وما عليها

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

أن يكون لدينا مؤسسات اجتماعية وأهلية تهتم بالمشروعات الاجتماعية الحساسة وتضعها على أجندتها، فذلك مدعاة للفخر والاعتزاز، وأن يكون الزواج الجماعي واحدا من أهم تلك المشروعات الاجتماعية المكفولة من بين تلك المشروعات الاجتماعية، أيضا شيء يستحق الشكر والتقدير، فلا أحد يزايد على خطورة بقاء الشباب هكذا بلا زواج لاسيما بأن تكاليف الزواج اليوم قد ارتفعت أضعاف مضاعفة عن ذي قبل، فأصبح من الصعوبة بمكان أن يتمكن الشباب اليوم من الزواج ما لم يقف أحدا بجانبهم لتلبية الاحتياجات المترتبة على الزواج.

ولكن من الملاحظ أيضا أن أعداد الاحتفالات الجماعية للزواج المقامة بين الفينة والأخرى في تزايد مطرد لأغراض توفير المساعدات المالية، نحتاج اليوم أن نقف من جديد للبحث عن مؤسسات أخرى أو ربما المؤسسات نفسها التي أخذت على عاتقها مسئولية توفير المساعدات المالية لإنجاح مشروعات الزواج الجماعي، عليها أن توفر أيضا الأسباب الأخرى لنجاح الزواج وتوعيتهم ومساعدتهم على توفير أسباب الحياة الهانئة بعيدا عن المنغصات، فمع توفر الإمكانات المالية تظهر هناك عقبات أخرى لا تقل أهمية عن الأولى بل قد تزيد، الأمر الذي قد يوصل بعضها إلى إنهاء عقد الزواج والوصول إلى حل أبغض الحلال عند الله وهو الطلاق.

أظن بأن هناك علاقة مطردة بين المشروعات الجماعية للزواج والمشروعات الجماعية الأخرى للطلاق فهناك نسب اليوم تتزايد على الطلاق أو مشكلات كبيرة جدا لا يمكن أن تحل إلا من خلال المحاكم الشرعية أو بفتح جبهات شديدة بين أهل العريس والعروسة، يضطرهم في نهاية المطاف إلى إنهائها بالطلاق.

لا أعرف إن كنت محقة بالفعل في التحليل الذي أرمي إليه ولست أهدف من ورائه إلى التقليل من شأن المؤسسات التي أخذت على عاتقها أهمية مشروعات الزواج الجماعي كهدف نبيل وراق في نفس الوقت بل يحسب لها أنها وضعته على قمة أولوياتها وسعت إلى توفير ما أمكنها، ولكن رجوعا إلى الماضي وللأسف الشديد لا أمتلك حقائق رقمية أو كمية ولكن حقائق تقديرية من الواقع الاجتماعي الذي أشهده، ففي السابق كان حل الطلاق غير وارد إطلاقا إلا في حالات استثنائية نادرة جدا ويأتي في النهاية جدا بعد أن تشتد الأزمة ويصبح من العسير أو من المتعذر الوصول إلى حل لكون العشرة والعلاقة الزوجية ومشروع الزواج نفسه والذي كلف الزوج الشيء الفلاني من المصاريف لبنائه وتشييده وكلف الزوجة أيضا الشيء الفلاني من الحرص على البناء بشكل ينسجم مع الأعراف لأغراض توفير أسباب نجاح الحياة الزوجية يجعله من الصعوبة التفريط فيه والسعي لهدمه بعد أن تعب في تشييده وبنائه، اليوم الوضع يختلف كلية خصوصا مع تعقد الحياة بكل جوانبها إلى جانب الضغوطات الكبيرة التي تحاصر الفرد الأمر الذي يجعله لا يفكر كثيرا بما هو مقدم عليه بقدر ما هو مركز على توفير الحل السريع حتى وأن كان الحل لا يعتد به.

اليوم وبعد أن سقط تكليف الزوج في توفير غالبية الاحتياجات المتعلقة بالزواج أصبح من الهين واليسير عليه أن يقدم الطلاق على غيره من الحلول فأصبح الطلاق أسهلها لأنه اليوم وهو يتخذ قرارا كهذا لا ينظر بعينه حجم النفقات الكبيرة التي صرفها على ذلك المشروع، فضلا على أنه ربما يحصل على نفس المساعدات المالية فيما لو فكر الزواج من جديد فهو في النهاية ليس بالخسران لم يخسر في المرة الثانية وأمامه فرص يستفاد منها في المرات القادمة، كما أن الاختيار ذاته لا يكون ذات بال على رغم أهمية هذه الخطوة فيكون هناك نوع من التسرع في الاختيار والتمحيص مع انطلاق مشروع للزواج الجماعي هنا أو هناك والبحث عن الشباب الذين يحتاجون لكفلهم ضمن المشروع، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أغلب الحديثين على الزواج لا يفقهون المشروع ذاته ويحتاجون إلى تأهيل وتدريب فهم حتما بحاجة إلى إرشاد نفسي واجتماعي ومحاضرات توعوية مستمرة ضمن مشروع لا يقل أهمية عن المشروع الأم، طبعا إلى جانب أمور أخرى مصاحبة للمشروع ذاته لا بد لنا من تأهيلهم للحياة الزوجية.

فالحياة الزوجية مشاركة وتعاون وتفاهم واحترام وبقدر ما يكون هناك تعاون بقدر ما يكون هناك تنازل فالسفينة لابد لها أن تصل إلى بر الأمان أما في حال التصلب والتعصب بالرأي وتجاهل الآخر فالنتيجة ستكون دائما سلبية.

إجمالا المشروعات الجماعية للزواج عموما لها ما لها وعليها ما عليه، ونستطيع أن نقول بأنها استطاعت تحقيق بعضا من أهدافها ونجحت في جوانب وأخفقت في جوانب أخرى سعت إلى تقديم حلول جاهزة ومعلبة لبعض المشكلات وبقت بعض الجوانب معلقة وتحتاج منا إلى الوقوف عليها والتنظير لها لتقديم الحلول الناجحة

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2113 - الأربعاء 18 يونيو 2008م الموافق 13 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً