العدد 2112 - الثلثاء 17 يونيو 2008م الموافق 12 جمادى الآخرة 1429هـ

هراء الدولة

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

أكثر ما تستطيع أن تعتمد عليه الدولة في تمييع قضايا الفساد في أموالها وأملاكها ومؤسساتها هو خلق القضايا الفارغة التي تستطيع أن تجتذب الصحافة والجمعيات السياسية واهتمام المواطن عما تؤول له خواتم هذه القضايا ونهاياتها.

أين ذاكرة البحرين والبحرينيين اليوم عن العديد من القضايا التي تكاد تغيب عن الذاكرة؟ أين حطت رحال العديد من قضايا الفساد في المال العام التي كانت تتصدر الصفحات الأولى في صحافتنا المحلية ثم غابت داخل أروقة القضاء الذي يبدو أن الداخل فيه مفقود ولا رجعة له! أين «ملايين» الإسكان ومليارات «ألبا»؟ أين السُراق الذين احتفوا بأموال الفقراء من أبناء البحرين؟ أم أن خروقات توزيع الحصص معفو عنها؛ بحسب نظام التوزيع نفسه.

كلما تكشفت ملامح الفساد في بعض أجهزة الدولة ووزاراتها عاجلتنا الفئات المنتفعة على هذا الفساد بهامش القضايا حتى تنصرف الأنظار عمّا ينخر في البحرين، ويسرق أقوات أبنائها إلى سخيف الاهتمامات و «الهراء» الذي يبدو أنه أصبح ما يجب أن نهتم به!

لو أن بلدا يحترم مواطنيه والقوانين التي يصدرها أصبح يوما على ملايين مسروقة من خزائنه لما تهاون في إرجاعها، ومحاكمة المسئولين عن ذلك تحت قضاء نزيه وعادل. في البحرين يبدو الأمر مختلفا، يتم الإعلان عن سرقة مليارات الدولارات وتفتح محاكم الدول الأخرى قاعاتها لمساءلة المتورطين، فيما تكتفي «الدولة» ونيابتها العامة وأجهزتها القضائية بالفرجة! هكذا يصبح مال الدولة مشاعا لمن يملك «القوة» والحصانات خارج إطار الدستور، هكذا أيضا تنكشف اليوم بعد الآخر دولة القانون التي لا تعرف حدود القانون وفضاءاته إلا على الضعيف من الناس الذين لا تذيّل أسماؤهم بصاحب السعادة أو ما هو أكثر من ذلك.

الحديث عن ملفات الفساد التي سيتم التعامل معها بشفافية، الحديث عن القضايا التي دخلت لأروقة القضاء ولم تخرج منها، الوعود المتكررة بتفعيل الرقابة على المال العام، كلها أحاديث ووعود في «الهواء» لا صدقية لها ولا وزن، وهي لا تزن في ميزان المواطن البحريني أنملة، ذلك المواطن الذي أرهقته الوعود الأفلاطونية التي لا ولن تتحقق.

خاتمة القول: تستطيع الدولة - أي دولة - أن تكذب لبعض الوقت، ولكنها في حدود ما ستصلها اليوم أو غدا ستكون مملة/ باعثة على الضجر/ مزايدة في هراء الكلام وغير النافع منه، ما يعني أنها لن تكون مقنعة أكثر مما كانت، وهو في المحصلة ما قد يرتد عليها بأكثر مما كانت تتوقع.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 2112 - الثلثاء 17 يونيو 2008م الموافق 12 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً