مخطوطات نفيسة... وأكثر من 10 آلاف مجلد في شتى علوم المعرفة الإنسانية والإسلامية مجموعة تحت سقف واحد هو مجمع البحوث العلمية الذي من المؤمل أن يشكل أحد الصروح الثقافية المتميزة في المملكة بعد افتتاحه قريبا.
مجمع البحوث العلمية في منطقة سار هو واحد من المشروعات التي يعتزم تشيدها لتخليد التراث العلمي في البحرين، ومحاولة جادة لإعادتها كنقطة إشعاع علمي وثقافي في المنطقة.
ويضم المجمع الذي يشرف عليه الشيخ محسن العصفور عددا من المرافق الثقافية، وأهمها المرصد الفلكي الإسلامي، ومركز إحياء التراث ومركز البحوث والدراسات ومركز إعداد المناهج التعليمية، فضلا عن صالة مجهزة متعددة الأغراض لإقامة المحاضرات والمؤتمرات.
ويقوم مجمع البحوث العلمية حاليا بالتنسيق مع المكتبات والمراكز العلمية الأخرى من أجل التنسيق وتبادل الخبرات والتعاون العلمي الثقافي المشترك، ومن أهم هذه الجهات مركز الشيخ عيسى بن سلمان الثقافي الذي أضحى من أهم الصروح الثقافية ليس في البحرين فحسب وإنما في المنطقة.
طموحات جمة وسلسلة من المشروعات المبتكرة تحول بين تنفيذها شح الإمكانات الفردية، وهناك توجه لإعادة بناء مبنى الحوزة التاريخية للشيخ حسين العصفور على أن تكون المناهج الدراسية فيها تحتوى على الدراسات المقارنة بين المذاهب الخمسة المشهورة في الأصول والفقه.
قامت «الوسط» بزيارة تعريفية لمجمع البحوث العلمية في سار في رحلة ثقافية ممتعة، وكان لنا هذا اللقاء مع مؤسس مشروع المجمع الشيخ محسن العصفور:
كيف انبثقت فكرة مشروع مجمع البحوث العلمية؟
- في الحقيقة هي مؤسسة أنشأت بجهد فردي وبإمكانات فردية متواضعة محدودة قبل 15 سنة تهدف وتطمح إلى إعادة المجد العلمي والديني لمملكة البحرين على مستوى الداخل والخارج الإقليمي والدولي والدعوة إلى احتضان الكفاءات العلمية التي تزخر بها المملكة وتوجيهها من أجل تحقيق هذا الغرض المقدس.
وأعترف بوجود صعوبات جمة تعترض هذا الطريق من أبرزها أجواء الاحتقانات السياسية المتأزمة التي استنزفت الكثير من الطاقات والكفاءات والعمر وتناسى الناس معها كل التوجهات التي تصب في هذا الاتجاه الحضاري لكن المراهنة على تحرر الشعب من شرنقته وعودة الوعي لدى أبناء الطائفتين الكريمتين هو القاعدة التي يمكن البناء عليها للخروج مماهم عليه من انكفاء وتقوقع من أجل تحقيق هذا الحلم الذي طال انتظاره.
ما هي أهم أقسام مؤسسة المجمع؟
- إن أهم الأقسام الفعلية هي أربعة أقسام:
1 ـ المرصد الفلكي الإسلامي
وتحت مظلته نقوم بتنظيم فعاليات الاستهلال لترائي هلال شهر مضان كل عام في أوله وآخره.
وإصدار تقويم الحياة وقد صدر منه مايزيد على 14تقويما خلال 14 سنة الماضية.
2 ـ مركز إحياء التراث
3 ـ مركز البحوث والدراسات
4 ـ مركز إعداد المناهج التعليمية
كم عدد الكتب التي تتضمنها المكتبة؟
- المكتبة الفعلية هي مكتبتي الشخصية وعددها يزيد على العشرة آلاف مجلد وهناك مساعٍ لإعادة مشروع المكتبة العامة للثقافة الإسلامية التي أنشأها الوالد حفظه الله وكانت أول مكتبة إسلامية أهلية عامة أنشئت عام 1969 ولعبت دورا رياديا على مستوى البحرين من خلال أنشطتها الثقافية اليومية والموسمية التي كانت تنظمها والنشرات التي كانت تصدرها.
ما هي القيمة التراثية للكتب؟
- هناك كتب ووثائق غير كتب مكتبتنا الخاصة بعد جهود مضنية قاربت من عشرين سنة تمكنا من جلب الكثير من النسخ الخطية المبعثرة والمشتتة في بعض الدول المجاورة بالنحو التالي:
1 ـ كتب خطية ويبلغ عددها أكثر من مئة وثلاثين نسخة من ضمنها مجموعة نفيسة ومهمة للغاية لجمع من أعلام أسرة آل عصفور أبرزهم الشيخ يوسف والشيخ حسين.
2 ـ مصورات كتب خطية تبلغ أكثر من مئة مصورة.
3 ـ كتب مطبوعة طبعة حجرية يرجع تاريخ بعضها إلى ما يزيد على المئتين سنة يبلغ عددها أكثر من مئة كتاب.
4 ـ فهارس مكتبات خطية من تركيا والعراق وإيران وباكستان والهند وقطر وبعض الدول الأخرى.
وكل صنف له أهميته من حيث كونه ذا قيمة كيفية نوعية وليست كمية
5 ـ حدود سبعين وثيقة أصلية يوجد في هوامشها أختام لكثير من علماء آل عصفور
6 ـ أرشيف يضم مطبوعات علماء البحرين القديمة والحديثة
7 ـ أرشيف تخصصي يضم كل ما طبع عن فقه المعاملات والتجارة والدراسات المصرفية الإسلامية.
وما نوع المخطوطات الموجودة؟
- أكثر من مئة وثلاثين مخطوطة نفيسة كما سبق وأن ذكرنا وهذا العدد مرشح للزيادة بشكل مضاعف خلال الفترة القريبة -إن شاء الله تعالى- من أهمها جملة من مخطوطات من مؤلفات مفخرة البحرين المشهور فقيه أهل البيت الشيخ يوسف -قدس سره- بخط يده منها:
1 ـ المجلد الأخير من كتاب الحدائق الناضرة.
2 ـ سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد (الجزء الثاني منه).
3 ـ الدرر النجفية من الملتقطات اليوسفية.
4 ـ عقد الجواهر النورانية.
5 ـ اللآلي الزواهر في تتميم عقد الجواهر.
6 ـ قاطعة القال والقيل في عصمة الماء القليل.
ومجموعة أخرى لجمع من أعلام البحرين وغيرهم.
ما هي أهمية وجود هذه المخطوطات تحت سقف واحد؟
- تعد مجموعتنا المجموعة النادرة الوحيدة لعلماء البحرين المشاهير من الرعيل الأول التي خليت منها البحرين منذ سنة 1216 هـ العام الذي استشهد فيه جدنا العلامة الشيخ حسين على يد الغزاة وبعثرة مكتبته وانتشارها في البلدان المحيطة حتى تاريخنا الحاضر، تلك المكتبة التي كانت تقدر كتبها بعشرين ألف كتاب وأوصى بها الشيخ يوسف للمجازين في كتابه لؤلؤة البحرين الشيخ خلف والشيخ حسين لم يبقَ منها للأسف إلا الست مئة كتاب تقريبا وسنعمل جاهدين لاستكمال نسخها قدر المستطاع.
وهناك الآن دعوة لتعزيز التعاون وتكثيف الجهود مع المكتبة الوطنية بتوجيه من الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة ومنصور سرحان لجمع جميع مصورات مصنفات علماء البحرين من جميع المكتبات الخطية في العالم الإسلامي وغيره وتوفيرها تحت سقف واحد ضمن قاعات المكتبة الوطنية بمركز الشيخ عيسى الثقافي.
ولكن ما هو دور الدولة والمجتمع في الحفاظ على تراث البحرين؟
- جمع وحفظ التراث يحتاج إلى إمكانات ضخمة ولا يوجد ضمانات لتوفيرها ولا لاستمرارها من دون رعاية وعناية الدولة كما هو الحال في المكتبة الوطنية وسنعمل جاهدين على إنجاح هذا المشروع الوطني الكبير بكل جد واجتهاد ومثابرة.
ويوجد بشكل مبعثر عند مجموعة كبيرة من المواطنين نسخ خطية لعدد من علماء البحرين وغيرهم نأمل أن يقتنعوا بإيداعها في محل واحد وهذا يحتاج إلى توعية أولئك بأهمية هذا الموضوع وضرورة الحفاظ على ما في أيديهم منها من التلف والضياع.
وماذا عن المشروعات المستقبلية التي تنوون القيام بها؟
- هناك ثلاثة مشروعات مستقبلية عملنا خلال الفترة السابقة على تهيئة الظروف المناسبة لإنجاحها نسأل الله تعالى التوفيق لإنجازها في المستقبل القريب أو البعيد وهي:
1 ـ حوزة العلامة الشيخ حسين آل عصفور للدراسات الإسلامية المقارنة وذلك في مقرها التاريخي في قرية الشاخورة وقد عملنا الخرائط الهندسية الخاصة بها وأخذنا إجازة البناء وبقي التمويل اللازم لبنائها.
2 ـ جامعة العلامة الشيخ حسين آل عصفور الإسلامية، وتحتوي على ثلاث كليات:
كلية السيد هاشم البحراني لعلوم القرآن والحديث، وكلية الشيخ ميثم البحراني للفلسفة والآداب، كلية الشيخ يوسف البحراني للدراسات الإسلامية والفقه المقارن. وهناك اتصالات مع أحد التجار الخليجيين لتمويل المشروع.
3 ـ المكتبة العامة للثقافة الإسلامية وهي أول مكتبة أهلية أسسها الوالد حفظه الله سنة 1969 في المنامة لتدريس علوم القرآن وتنظيم الفعاليات والأنشطة والمواسم الثقافية الدينية المختلفة وقد توقفت نشاطاتها وأغلقت قبل عشرين سنة بسبب أحداث الثمانينيات وآن الأوان لإعادة افتتاحها بعد إنشاء مبنى جديد خاص بها لتواصل رسالتها ومسيرة عطائها لعامة الناس.
وهل أحرز تقدما في مشروع إعادة إحياء التراث؟
- كنا ومازلنا نواصل الجهود ونتعاون مع من يريد تحقيق كتب علماء البحرين وقد قمنا خلال السنوات الماضية بتحقيق وطبع جملة من الكتب أهمها:
1 ـ رسالة الأشراف في المنع من بيع الأوقاف.
2 ـ محاسن الاعتقاد في أصول الدين.
3 ـ ستة مجلدات من الأنوار اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع.
4 ـ سداد العباد ورشاد العباد.
5 ـ شارحة الصدور.
6 ـ كنز المسائل والمآخذ في شرح المختصر النافع.
7 ـ معتمد السائل.
8 ـ مجموعة رسائل في الاجتهاد والتقليد.
وهناك الكثير من الكتب الأخرى وضعناها تحت اختيار بعض المؤسسات مثل دار المصطفى لإحياء التراث لإعادة تحقيق ونشر موسوعة الأنوار اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع لجدنا العلامة الشيخ حسين آل عصفور، وهناك اتفاق مع جامعة المدرسين في مدينة قم لإعادة تحقيق كتاب الحدائق الناضرة.
هل ستكون المكتبة متاحة للجميع؟
- المكتبة ليست مكتبة عامة وإنما هي خاصة والتوجه إلى بناء وإعداد وتشييد مكتبة إلكترونية على موقعنا في شبكة الإنترنت كان هو خيارنا العملي لذا ركزنا عليه خلال الفترة السابقة وسنواصل توسعته وتطويره في الفترة المقبلة -إن شاء الله تعالى- ليكون سهل التداول والتناول لكل من يريد الاطلاع والبحث والمراجعة.
ويمكن مراجعته على هذا الرابط:
http://www.al-asfoor.org/books/index.php
وأما المخطوطات ومصوراتها فيمكن توفير نسخ منها للراغبين في التحقيق والنشر بصفة خاصة.
من هم أهم الشخصيات التي زارت المجمع؟
- هناك الكثير خلال الفترة السابقة لكن أهم الشخصيات خلال الأسبوعين الماضيين هي: رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، والأمين العام لمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الشيخ محمد علي التسخيري، والعلامة السيد جواد الوداعي، ووكيل الشئون الإسلامية بوزارة العدل الشيخ فريد المفتاح.
ومتى سيتم الافتتاح الرسمي للمشروع؟
- لقد تم إنجاز القسم الأكبر من مرافق المبنى وهناك بعض التجهيزات الثانوية سنسعى لإنجازها قريبا على أن يتم الافتتاح بعد الفراغ منها لتكون مفاجأة حقيقية.
هل هناك نية للتعاون مع المراكز والمجمعات العلمية الأخرى؟
- في الواقع إن التعاون موجود ومفتوح مع كل الجهات الأهلية والرسمية، ونأمل أن يتكثف ويزداد مع استكمال المراكز والأجهزة التعليمية التابعة للمجمع، وهناك توجه لإعادة بناء مبنى الحوزة التاريخية لجدنا العلامة الشيخ حسين على أن تكون المناهج الدراسية فيها تحتوى على الدراسات المقارنة بين المذاهب الخمسة المشهورة في الأصول والفقه، وقد بدأنا قبل أكثر من سنتين بمشاورات مع رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة ووكيل وزارة العدل للشئون الإسلامية الشيخ فريد المفتاح ورئيس مجلس الأمناء للمركز العالمي للدراسات الإسلامية قي مدينة قم الشيخ مرتضى مقتدائي والأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية الشيخ محمد علي التسخيري ورئيس جامعة التقريب بين المذاهب الإسلامية عبدالكريم بي آزار شيرازي. ونأمل أن تكلل تلك الجهود قريبا وتثمر عن أول حوزة دينية أكاديمية تخدم أبناء الطائفتين الكريمتين وتكون نواة حقيقية للمزيد من التقارب والتعايش بين أتباعهما.
ماذا عن مشروع المرصد الفلكي؟
- مشروع المرصد الفلكي الإسلامي مشروع رائد وقد سبق التعريف به في عدد من اللقاءات الصحافية في السنوات الماضية ونصدر باسمه تقويمنا السنوي (تقويم الحياة)، وهناك فعاليات سنوية لسنة الاستهلال نقوم بتنظيمها بالتعاون مع جمعية البحرين الفلكية وجماعة تقويم الهادي وغيرهم، كما سبق أن نظمنا بالتعاون مع جمعية الفلك بالقطيف دورة في علم الفلك وسنواصل بشكل أكبر تنظيم دورات تخصصية مستمرة في المرحلة المقبلة
العدد 2302 - الأربعاء 24 ديسمبر 2008م الموافق 25 ذي الحجة 1429هـ