أكدت قرينة عاهل البلاد رئيسة المجلس الأعلى للمرأة سمو الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة في المؤتمر الوطني لإدماج النوع الاجتماعي الذي عقد خلال الفترة 9 - 10 يونيو/ حزيران 2008 بالبحرين «مركزية دور المرأة في عملية التنمية، وما يمكن أن تتكبده التنمية الإنسانية من خسارة في حال غياب المرأة عنها، كما لم يعد بالإمكان اعتبار مسألة تمكين المرأة البحرينية ترفا أو خيارا قد نأخذه اليوم ونتركه في الغد بل هو حاجة ماسة علينا أن لا نسجنها في مسألة التنظير، وأن نبعدها عن أية إرباكات قد تؤدي إلى إقصاء المرأة عن محور التنمية».
من خلال هذه الكلمات الهادفة والبعيدة الرؤية لسموها يمكن أن ننطلق في آفاق اهتمام مملكة البحرين بدور المرأة في التنمية الشاملة، وأن ننظر إلى الموضوع من شقين:
أولا: دور المرأة في عملية التنمية الشاملة: إن التركيز على دور المرأة في التنمية لا يختلف عليه أحد خصوصا في البحرين نظرا للانفتاح والثقافة الأصيلة التي يتمتع بها شعب البحرين، فقد درج هذا الشعب على التعامل مع المرأة كونها مكملا للدور الذي يضطلع به الرجل مع مراعاة الخصوصية والعادات والتقاليد والقيم الإسلامية التي يتمتع بها. فما يشاهد في البحرين قلما يوجد له نظير في بعض البلدان العربية والإسلامية حيث المشاركة الفاعلة للمرأة في كل الميادين، بدءا من التعليم النظامي والصحي والأمني الذي كانت البحرين من الدول الأولى عملا وتنفيذا انتهاء بانخراط المرأة في المجال القضائي والتشريعي والوزاري، وظلت المرأة البحرينية كما هي من حيث المحافظة على هويتها العربية والإسلامية. وإن ما يشاع أن هناك غيابا لدورها أو إقصاء لها في محور التنمية ما هو إلا تجني على الواقع والحقيقة، وأكاد أجزم أن البحرين قد سبقت الأمم المتحدة في الأخذ بالجيل الثالث من اقترابات تناول موضوع المرأة والتنمية الذي تبنته منذ سنوات والذي يعتبر أن المرأة عنصر فاعل في عملية التنمية وليست متلقية ويتم التعامل مع المرأة في إطار الدستور والقانون دون المساس بالثوابت الدينية والقيم الاجتماعية.
وما يتمتع به العنصر النسائي في المجتمع البحريني أصبح موضع حسد من الفاشلين سواء في البحرين أو خارجها وما قيادة سمو الشيخة سبيكة للتصدي لتطلعات المرأة البحرينية الطموحة إلا دليل على مواصلة ما حققته المرأة البحرينية في كل المجالات والميادين.
ثانيا: معارضة دور المرأة: هل هناك معارضة للدور الذي تقوم به المرأة البحرينية في مشاركتها في عملية التنمية، أم هناك وجهات نظر مختلفة تعيق هذه المشاركة مما حدا بالمجلس الأعلى للمرأة لإقامة هذا المنتدى وغيره من ورش العمل والمؤتمرات في فترات متقاربة وتبنيه لسياسات واستراتيجيات لتأكيد هذا الدور، ثم أن السؤال الذي يطرح نفسه هو تأثير وفاعلية هذه الفعاليات على تغيير النظرة المخالفة، وأشارت سمو الشيخة سبيكة على الاستعداد لمناقشة ومحاورة من يعترض على دور المرأة في المشاركة.
ينبغي الإشارة هنا إلى أن المقصود بمن يعارض هذه التوجهات أولديه وجهات نظر مختلفة هم مجموعة من علماء الدين الأفاضل، كما يجب التنويه أن علماء الدين لديهم إشارات وتشجيع للدور الذي تقوم به المرأة في البحرين وبعض المجتمعات العربية والإسلامية، فهل يوجد تناقض في المواقف. كما سبق وتمت الإشارة إليه أنه لا يختلف أحد على دور المرأة في عملية التنمية في البحرين، ولكن علماء الدين الأفاضل لديهم منطلقات دينية بحته تحكم مواقفهم مستندة إلى الشريعة السمحاء بالدرجة الأولى، ولكي نكون أكثر وضوحا فلا يمكن أن نتصور مساندة من أي رجل دين في مشاركة المرأة في عملية التنمية وهي بعيدة عن التقيد بأحكام الشريعة كالحجاب مثلا والاختلاط وإهمال الجانب الأسري الذي تختص به المرأة بالدرجة الأولى والتركيز على جوانب أخرى بحجة المشاركة في التنمية، كما أن طغيان التفكير الغربي في تنفيذ سياسات الأمم المتحدة مثلا في المساواة بين الرجل والمرأة أخذ حيزا من عدم ثقة رجال الدين في التوجهات التي ترسم من قبل هذه الجهات. وبطبيعة الحال ستكون هناك ردود أن الحجاب والاختلاط مثلا ليس بمبرر للمعارضة في المشاركة الفاعلة للمرأة، ولكن يجب الالتفات الى أن نظرة رجال الدين منطلقة من وجهة نظر شرعية لا يمكن المساس بها لذلك نراهم يشيدون بدور المرأة في تلك البلدان التي تلتزم بالضوابط الشرعية.
هذه بطبيعة الحال ليست دعوة للقائمين على تنفيذ سياسات مشاركة المرأة في التنمية للتخلي عن تفكيرهم واقتناعاتهم حتى تتم الاستجابة لتصوراتهم وإنما يجب النظر بجدية فيما يفكر فيه الجانب الآخر ويعتقد ويؤخذ في الحسبان حتى يكون التأثير لهذه الفعاليات أكبر الأثر.
إقرأ أيضا لـ "حسين خميس"العدد 2111 - الإثنين 16 يونيو 2008م الموافق 11 جمادى الآخرة 1429هـ