كشف تقرير الحساب الختامي في البحرين للسنة المالية 2007 عن وجود تباين بين الأرقام المعتمدة من جهة والفعلية من جهة أخرى. وتبين أن ما تحقق في العام الماضي ما هو إلا تكرار لما آلت إليه الأمور في السنوات القليلة الماضية، أي تطبيق المعادلة الآتية: ارتفاع الإيرادات مقابل تراجع المصروفات وتحويل العجز المتوقع إلى فائض.
ارتفاع الإيرادات
ارتفعت الإيرادات الفعلية في السنة المالية 2007 بنسبة 23 في المئة أي 376 مليون دينار عن الرقم المعتمد إلى 2037 مليون دينار (بالمقارنة ارتفعت إيرادات العام 2006 بنسبة 44 في المئة عن الرقم المعتمد).
يشار إلى أنها المرة الأولى التي يتخطى فيها دخل الخزانة العامة2000 مليون دينار. وقد تحققت هذه الطفرة بشكل أساسي على خلفية تعزيز الدخل النفطي الذي بدوره زاد بنسبة 32 في المئة عن الاعتماد.
وكانت وزارة المالية افترضت سعرا قدره 40 دولارا لبرميل النفط. بيد أنه يستشف أن المتوسط ارتفع إلى 53 دولارا أي أقل بكثير مما كان يتوقع وذلك على خلفية ارتفاع وبقاء أسعار النفط مرتفعة طوال العام 2007.
لا شك في أن وزارة المالية مطالبة بتقديم تفسير لموضوع متوسط سعر برميل النفط للعام الماضي. وهناك مزاعم بعدم تسجيل وزارة المالية مبلغا ضخما نسبيّا كدخل حقيقي للسنة المالية 2007.
الدخل النفطي
يمثل الدخل النفطي حجر الزاوية في إيرادات الحكومة. فقد شكلت الإيرادات النفطية تحديدا 80 في المئة من دخل الخزانة في السنة المالية 2007 ما يعني اعتماد الاقتصاد البحريني بشكل نوعي على القطاع النفطي على رغم كل الحديث عن التنوع الاقتصادي. وتزيد هذه النسبة عن العام 2006 عندما شك دخل القطاع النفطي 77 في المئة من مجموع إيرادات الخزانة.
تحصل البحرين على إيراداتها النفطية من المصادر الآتية: 1) حقل أبو سعفة، 2) حقل البحرين، 3) مبيعات الغاز، 4) الضرائب والرسوم.
أظهرت النتائج النهائية أن صافي دخل (ناقصا المصروفات التشغيلية) حقل «أبو سعفة» بلغ 1257 مليون دينار في العام 2007 ما يمثل 77 في المئة من مجموع الدخل النفطي.
يذكر أن مملكة البحرين تتقاسم إيرادات حقل «أبو سعفة» مع الجارة المملكة العربية السعودية. وقد زاد دخل الحقل بواقع 112 مليون دينار في غضون سنة واحدة (بلغ صافي دخل الحقل 1145 مليون دينار في العام 2006).
وتؤكد هذه الإحصاءات أن إنتاج حقل «أبو سعفة» يمثل الدعامة الرئيسية للمالية العامة في البحرين. ويبلغ إنتاج الحقل 300 ألف برميل في اليوم (150 ألف برميل لكل من السعودية والبحرين على حد سواء).
إضافة إلى ذلك, بلغت إيرادات حقل البحرين 234 مليون دينار في العام 2007 مشكلة أكثر من 14 في المئة من مجموع الدخل النفطي. أيضا بلغت قيمة مبيعات الغاز 129 مليون دينار ممثلا نحو 8 في المئة من مجموع الدخل النفطي. أما باقي المبلغ وهو محدود أصلا (أقل من 1 في المئة) فتم تحصيله عن طريق الرسوم والضرائب المفروضة على القطاع النفطي.
الدخل غير النفطي
بدورها تراجعت الإيرادات غير النفطية بقيمة 16 مليون دينار إذ بلغت 407 ملايين دينار مشكلة 20 في المئة من مجموع دخل الخزانة العامة في السنة المالية 2007. بالمقارنة، شكلت الإيرادات غير النفطية 23 في المئة من مجموع دخل الخزانة للعام 2006 ما يعني تعزيز الاعتماد على الدخل النفطي وليس العكس.
تتشكل الإيرادات غير النفطية من 1) الضرائب والرسوم 2) مبيعات المنتجات الخدمية والسلعية الحكومية 3) الاستثمارات والأملاك الحكومية 4) الإعانات 5) الغرامات والجزاءات والإيرادات الأخرى. في التفاصيل حصلت البحرين على أكثر من 156 مليون دينار في العام 2007 على شكل ضرائب على الواردات فضلا عن الرسوم والأتعاب الإدارية مقارنة مع 140 مليون دينار في العام 2006.
إضافة إلى ذلك, بلغت قيمة المنتجات الخدمية والسلعية للحكومة مثل الكهرباء والماء 117 مليون دينار في السنة المالية 2007.
تراجع عائد الاستثمار
كما بلغت قيمة عوائد الاستثمارات والأملاك الحكومية 79 مليون دينار بتراجع قدره 8 ملايين دينار مقارنة بالعام 2006. ويشكل هذا التراجع أمرا مفاجئا بحاجة إلى دراسة من قبل الأطراف المعنية وخصوصا مجلس النواب.
المعروف أن الحكومة تمتلك أسهما في الكثير من المؤسسات المحلية فضلا عن حصص في 9 شركات أجنبية. حقيقة القول، كان يتوقع تعزيز عوائد الاستثمارات في ضوء التطورات الاقتصادية المتميزة مثل تسجيل نمو اقتصادي حقيقي لأكثر من 6 في المئة في الآونة الأخيرة فضلا عن تأسيس شركة «ممتلكات» لإدارة أصول الدولة. أيضا حصلت الخزانة العامة للدولة على مبلغ قدره 36 مليون دينار في السنة المالية 2007 على شكل مساعدات أجنبية مقارنة مع 28 مليون دينار في العام 2006. لم تكشف الجهات الرسمية أسماء الدول التي قدمت المنح المالية. وتقليديّا تحصل البحرين على مساعدات من دولتي الإمارات والكويت.
كما حصلت الخزانة على دخل بواقع 4 ملايين دينار مبيعات الأصول الرأس مالية أي أملاك الدولة. ويتمثل المصدر الأخير في الغرامات والجزاءات والإيرادات الأخرى التي بدورها بلغت 14 مليون دينار. ويمثل هذا الرقم ارتفاعا بواقع مليوني دينار عن 2006.
موازنة سنوية
ختاما، أكدت إحصاءات الحساب الختامي للعام 2007 أن الحاجة أصبحت ماسة إلى استصدار موازنة لسنة مالية واحدة بدل سنتين كما هو معمول به حاليّا.
وتتميز البحرين باستصدارها موازنة سنتين ماليتين في آنٍ واحدٍ إذ أعدت الحكومة موازنة السنة المالية 2007 في النصف الثاني من العام 2006. وبدا واضحا أنه من الصعب بمكان التكهن بالمستقبل وخصوصا في اتجاهات أسعار النفط الخام. سنواصل حديثنا الأسبوع المقبل لمناقشة المصروفات الفعلية للسنة المالية 2007 بشكل دقيق.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 2111 - الإثنين 16 يونيو 2008م الموافق 11 جمادى الآخرة 1429هـ