العدد 2110 - الأحد 15 يونيو 2008م الموافق 10 جمادى الآخرة 1429هـ

حقائق عن ارتفاع أسعار النفط

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

دعا وزراء المالية في مجموعة الدول الصناعية الكبرى في العالم منتجي النفط إلى رفع مستويات الإنتاج للمساعدة في استقرار الأسعار التي ارتفعت بحدة خلال الأشهر الأخيرة، واعتبروا أن الأوضاع في قطاع النفط باتت تهدد النمو الاقتصادي العالمي.

وقال الوزراء، في نهاية اجتماع ضمهم في مدينة اوساكا باليابان واستغرق يومين، إن الاقتصاد العالمي يواجه مخاطر جسيمة وضغوطا تضخمية بسبب الارتفاعات القوية في اسعار النفط.

وأوضح الوزراء، في بيان صدر عنهم في نهاية تلك الاجتماعات السبت، أن «الارتفاعات في اسعار السلع، وخصوصا النفط والغذاء، تمثل تهديدا لاستقرار النمو في العالم».

وكما كان متوقعا، كان وزير المالية (الخزانة) الاميركي هنري بولسون أكثر المشاركين تحاملا على الدول المصدرة للنفط، فقال: «ان سبب القفزات العالية في أسعار النفط هو «قلة العرض أمام تزايد الطلب العالمي، وأن المشكلة ليست مشكلة مضاربات في الأسواق».

هذا الموقف الأميركي المتحامل على دول «الأوبك» ليس جديدا على السياسة الأميركية، ففي العام الماضي، وافق مجلس الشيوخ الأميركي (الكونغرس) على خطة تمكن الحكومة الاتحادية من محاكمة منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بتهمة التلاعب. ووصل الأمر إلى الدعوة إلى «الغاء الحصانة السيادية التي تتمتع بها الدول الاعضاء في «أوبك» ضد أي إجراء قانوني أميركي».

الحقيقة التي لا يستطيع أحد أن ينكرها هي أن النفط، بخلاف أية مادة خام أخرى، له حضور سياسي في العلاقات الدولية لم تحظ بها أية سلعة أخرى في العالم منذ اكتشاف الفحم الحجري. هذا الأمر يشمل حتى الوقود النووي، الذي يثير اليوم بعض الغبار الطارئ في العلاقات الدولية. لقد مارس النفط منذ اكتشافه دورا مهما في رسم معالم الخريطة الجيو- سياسية وخصوصا في محيط الدول التي تنتجه، وفي مقدمتها الدول العربية النفطية.

هذه الحال النفطية الفريدة والمتميزة ليست وليدة اليوم عدنما وصلت أسعار النفط إلى قيم شبه خيالية، بل كانت دوما هي الحال المسيطرة، حتى عندما كانت أسعار النفط في الأسواق العالمية تكاد تكون أعلى من كلفته، وعندما كانت الاحتكارات النفطية العالمية، ومن ورائها بلدانها الرابح الأكبر من كل العمليات النفطية: استكشافا، وإنتاجا، وتكريرا، واستهلاكا.

الحقبقة الثانية التي لا يمكن لأحد أن ينكرها أيضا هي أن الدول المنتجة، وإذا صح لنا توجيه اللوم أو الاتهام إليها، ليست الجهة الوحيدة التي تساهم في تحديد الأسعار النهائية للنفط، وهي أيضا ليست مسئولة عن التوترات التي تفتعل في مناطقها. فمنذ العام 1980، لم تهدأ منطقة الخليج العربي إذ المخزون النفطي الكبير، والإنتاج الغزير، ومع ذلك شاهدنا الارتفاع الفلكي في أسعار النفط في فترات كان الهدوء النسبي يسود هذه المنطقة. كما أنها ليست طرفا مباشرا في المضاربات النفطية التي تعقب إنهاء صفقات الزيت الخام.

الحقيقة الثالثة هي أن الدول المستهلكة للنفط، وخصوصا الولايات المتحدة، لا تتحدث ولاتثار حفيظتها عندما تخسر الدول المنتجة من جراء انخفاض غير متوقع، وربما غير منطقي بقوانين السوق المحضة. فليس خافٍ على أحد أن خسائر الدول العربية المنتجة للنفط في الخليج بلغت 15 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام 1997 في ضوء انخفاض سعر البرميل من متوسط 18 دولارا إلى متوسط 13 دولارا.

الحقيقة الرابعة التي تكرر نفسها بين الحين والآخر هي العصا التي تلوح بها الدول المستهلكة في وجه الدول المنتجة، والتي غالبا ما تقود إلى هبوب عواصف الأسعار على الأسواق النفطية. تلك العصا هي الحديث عن الترويج لمصادر بديلة لنفط «الأوبك» من مناطق لدول ليست اعضاء فيها.

فبين الحين والآخر يجري الحديث عن أهمية نفط بحر الشمال، أو أهمية نفط الاتحاد السوفياتي السابق بعد أن تم تفكيكه. واليوم لا تكف وسائل الإعلام الأميركية عن التلويح بنفط بحر قزوين، الذي تزعم التقديرات الأميركية أن احتياطيه النفطي يتجاوز 200 مليار برميل، في حين لا يزيد التقدير الأوروبي لهذا الاحتياطي على ما بين 50 و 100 مليار برميل.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2110 - الأحد 15 يونيو 2008م الموافق 10 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً