كيف يمكننا التعليق على الزيادة في مدخولات النفط التي وردت في الحساب الختامي للدولة بزيادة مقدارها 15.1 في المئة مقارنة مع العام الماضي، خصوصا أنّ الموازنة العامّة قد بنت توقعاتها على أنّ سعر برميل النفط لن يتجاوز الأربعة وستين دينارا فقط.
النائب جاسم حسين قبل شهر من الآنَ أكّد ضرورة الإفصاح عن الموازنة ومدخولات الدولة بشفافية، والنائب عيسى أبو الفتح صرّح يوم أمس للزميلة «أخبار الخليج» بأنّ نسبة النمو في المدخولات «متواضعة» في الوقت «الذي تجاوز فيه سعر برميل النفط ذلك بكثير».
تبدو مساحة التعليق على مثل هذه الإيرادات وهذا الفائض واسعة، خصوصا أنّ لا أحد يستطيع التنبؤ بما ستكون عليه أسعار النفط خلال هذا العام، فلربما عادت بنّا مكنة الأسعار للأرقام الأحادية التي تذكرنا بدعوة رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني آنذاك بأنْ نبادر جميعا في البحرين إلى «شد الحزام». وبما أنّ الحزام يبدو اليوم واسعا جدا، وللناس أنْ يُطالبوا «الدولة» بالمبادرة قدر استطاعتها، ملء بطون الناس وأنْ يطلبوا من النواب جميعا تشديد الرقابة على هذه الأموال التي لا يبدو أنها ستدوم كثيرا.
كلّ الخوف هو أنْ تتحوّل إيرادات النفط اليوم أو غدا، إلى سلسلة الأسرار الكبرى والتي شملت أعداد السكّان ولوقت ليس بالقليل المخطط الهيكلي للأراضي في البحرين، والأغرب من ذلك، هو أن تتنامى الدعوات لترويج البحرين كوجهة للاقتصاد والاستثمار الحديث يتطلب قبل كل شيء أنْ تكون المعلومات متاحة للجميع لا أسرار خاصة بفئة دون أخرى، وحين نقول فئة دون أخرى فنحن لا نستثني من ذلك مَنْ هم في مستوى الوزراء، فبعض الوزراء ولفترة ليست بالبعيدة كانوا لا يعرفون شيئا عن مخطط البحرين الهيكلي الذي صادقت عليه الدولة منذ مدّة طويلة والذي من المفترض أنْ يكون بيد الجميع، خصوصا أولئك الذين يريدون أنْ يستثمروا أموالهم في البحرين.
أموال النفط التي هي - شاء مَنْ شاء وأبى ذلك مَنْ أبى - الأموال التي تعتمد عليها الدولة في تنميتها الحقيقية تكاد تنضب، وإذا كان البحرين لن تستثمر هذه الطفرة في المداخيل النفطية كما يجب فإنّ قدرتها على البقاء في حلقة التنافس بين العواصم الخليجية الجبّارة ستضعف شيئا فشيئا حتى تضمحل.
للبحرين والبحرينيين فرصة أخيرة في أنْ يتم توجيه هذا الفائض في الدخل صوب تعزيز البنية التحتية للدولة والرقي بمستوى خدماتها، وخلاف ذلك فإنّ التلاعب بأموال النفط أو إهدارها في قائمة المصروفات السرية أو الجانبية يعني بالضرورة، أنْ لا مستقبل للبحرين قبالة هذه العواصم الخليجية التي تنمو بطريقة جنونية وتستطيع أنْ تقدم للمستثمر أضعاف ما تستطيع المنامة تقديمه لهم.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2110 - الأحد 15 يونيو 2008م الموافق 10 جمادى الآخرة 1429هـ