لا ينال المواطن البسيط من تلك البنايات الشاهقة والجزر الخاصة شيئا يذكر؛ بل ووصل الأمر إلى أن يعتدي على حقوق وأرزاق البحارة والتضييق عليهم، إذ إن تلك الجزر والبنايات التي تم بناؤها على السواحل، من خلال دفن البحر، قد تسبب ذلك في حرمان الكثير من البحارة من المصائد، إضافة إلى زيادة كلف الرحلة البحرية!
كان المفروض أن يشمل التعويض البحارة في الحد وسماهيج والدير، وهذا التعويض ليس ترفا تمارسه الدولة تجاه مواطنيها، بل هو واجب تقوم به الدولة تجاه حماية محدودي الدخل من البحارة، وحاجة ضرورية ملحة يفرضها العدل وحسن توزيع الثروة.
العدالة تتطلب قيام الدولة بتعويض بحارة الحد وسماهيج والدير عما لحق بهم من ضرر كبير جراء الدفان الذي طال البحرين من أقصاها إلى أقصاها. وليس من العدل أن تنمو واردات الهوامير ومداخيلهم على حساب إفقار غيرهم من المواطنين! ليس من صالح الدولة أن يكون فيها الأمر بمثل ما هو قائم اليوم، من محاربة الناس في أرزاقهم!
العدالة التي ينشدها بحارة الحد وسماهيج والدير هي عدالة يؤيدها منطق الأشياء والقسطاس المستقيم لموازين الأمور.
استقامة الموازين في الدولة يجنبها الكثير من الاحتقانات التي قد تنشأ لدى قطاعات عريضة أصابها الضيم والقهر والظلم من هذا التوزيع غير العادل للثروة، سواء بفعل فاعل أو بفعل الطبيعة التي لم يتدخل في تصحيح مسارها أحد.
البحر في شتى مناطق البحرين يمثل تاريخا وعمقا تراثيا ضخما. اليوم قضت الحياة المدنية على جانب مهم من تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا التي طالما تفاخرنا بها أمام الشعوب الخليجية والعربية والأجنبية.
البحر يعاني مثلما يعاني أبناء المحرق من هذا الضيم الذي لحق بهم جراء الدفان والتدخل المباشر من قبل الدولة في تحديد مسار المشروعات المزمع إنشاؤها مستقبلا، وهذا يتطلب التفكير مليا فيما ينتجه مسار التنمية من أضرار على أرزاق البحارة وغيرهم من المواطنين.
في مختلف دول العالم، حينما يتهدد رزق المواطنين أي خطر تسارع السلطات في البحث عن مخارج تكون في الغالب في شكل تعويضات عن الأضرار والمخاطر التي تتهدد أرزاق الناس. في البحرين سارت الدولة في مسار جيد نوعا ما حينما قامت بتعويض بعض البحارة عما لحقهم من ضرر، وما نأمله أن يتم الاحتراز لمثل هذه المشروعات التنموية قبل أن يقع الفأس في رزق الناس البسطاء وحينها لا ينفع الندم!
«عطني إذنك»...
ما كشفت عنه الوسط يوم الجمعة 13 يونيو/ حزيران 2008 في تقريرها بشأن سفرات أعضاء المجلس النيابي يؤكد ما كتبنا عنه من قبل عن فساد المشرعين.
والحال كذلك - أي كما أشار له التقرير- فإن أعضاء المجالس البلدية ليسوا بعيدين عن هذا الفساد!، إذ حينما يطالب الأعضاء البلديين بمكافحة الفساد عليهم أولا تعداد سفراتهم الكثيرة إلى الدول المتعددة، إذ بعض الأعضاء اتخذوا من سفراتهم مكافآت إضافية على مكافآتهم التي يستحقونها رأس كل شهر.
فمن يحمي الناس من هذا الفساد؟!
لسان حال المواطنين يقول: «حاميها حراميها»!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 2109 - السبت 14 يونيو 2008م الموافق 09 جمادى الآخرة 1429هـ