دعا الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ممثلي الاتحادات العربية والدولية المشاركين في مؤتمر العمل الدولي من مختلف دول العالم إلى وقفة تضامن مع عمال شركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية (بتلكو) وإدانة قرار الشركة بفصل 44 من موظفيها ومطالبة المؤتمرين بتوجيه رسائل تضامن مع العمال المفصولين تدعو الشركة إلى التراجع عن قرار الفصل وتدعو الحكومة إلى التدخل الفوري لوقف القرار.
وأكد الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سيدسلمان المحفوظ، في بيان صدر أمس، أن تضامن الحركة النقابية الدولية مع «الاتحاد» من شأنه أن يعزز موقف العمال ويبعث رسالة استنكار تحد من النوايا التي أعلن عنها رئيس مجلس إدارة شركة «بتلكو» حديثا بفصل المزيد من العمال، الأمر الذي يشكل انتهاكا جديدا لقرارات هيئة التحكيم، مطالبا النقابات ومؤسسات المجتمع المدني في البحرين بالتصدي إلى عمليات الفصل التعسفي للعمال.
وثمن المحفوظ دور الحركة النقابية الدولية في الدفاع عن حقوق العمال، مؤكدا ثقته في بذلها المزيد من أجل دعم عمال البحرين ومساندتهم.
وأصدر وفد الاتحاد العام بيانا باللغة الانجليزية تم توزيعه على جميع أعضاء وحضور المؤتمر جاء فيه أن «قرار شركة بتلكو بفصل 44 عامل برهن مجددا على صحة الموقف الذي اتخذه الاتحاد العام برفضه لنوايا الشركة للتدوير الوظيفي والذي يهدف ويبرر فصل العاملين وحرمانهم وعائلاتهم من دخل يؤمن لهم حياة كريمة.
ودعا الاتحاد العام السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في المملكة لاتخاذ الإجراءات الفورية القانونية لوضع حد للفصل التعسفي للعمال وخصوصا في ضوء تجاهل إدارة شركة بتلكو قرار هيئة التحكيم وعدم أخذها بتوجيهات الحكومة مراعاة لما بذله العاملون من تضحيات للحفاظ على الشركة واستمرارها.
وهدد «الاتحاد» بأنه لن يبقى مكتوف الأيدي أمام ما يحصل وسوف يسخر جهوده على الأصعدة كافة لإعادة المفصولين، معلنا عدم تردده في اللجوء إلى الهيئات العربية والدولية من أجل الدفاع عن حقوق ومصالح العمال المفصولين وستبقى مسألة إعادتهم إلى أعمالهم على رأس اهتمامه.
وعلى صعيد مؤتمر العمل الدولي، ألقى المحفوظ كلمة باسم الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بمؤتمر العمل الدولي الدورة (79) لعام 2008، وشملت قضايا مفصولي بتلكو وقضية البريد والغلاء المعيشي في المملكة.
وقال المحفوظ: «لقد شهدنا في مملكة البحرين أهمية دور منظمة العمل الدولية ودعمها إبان الفترة السابقة على إطلاق حرية العمل النقابي في البلاد، فقد عملت على محورين متوازيين فمن جهة عملت على مساعدة اللجنة العامة للتنظيم العمالي القائم حين ذاك، في رفع سقف العمل النقابي لكي يضاهي العمل النقابي الحقيقي في أفضل صوره، ومن جهة عملت على تعزيز الحركة المطالبة بقانون نقابات يتيح المجال لإنشاء نقابات حرة مستقلة وهو ما تحقق بفضل كفاح عمال وشعب البحرين الذي توج بالإصلاحات التشريعية والانفراج الأمني والسياسي الذي قاده عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وحكومته ونحن نشيد وندعم كل هذه التحولات».
وأضاف أن «دعم منظمة العمل الدولية للشركاء الاجتماعيين تواصل فيما بعد قانون النقابات وكانت لها بصماتها في تطوير العمل النقابي الوليد من خلال المساعدة الفنية والمشورة، وإن عمال بلادي لن ينسوا هذا العمل لمنظمة العمل الدولية».
«العمال» في موقع المراقب
وخاطب المحفوظ مدير مؤتمر العمل الدولي «تمر بلادنا اليوم بمرحلة إصلاح سوق العمل الذي يعتبر أكبر مشروع من نوعه في البلاد من أجل تنظيم حركة العمالة المهاجرة وفق آليات دقيقة لجمع المعلومات عن أوضاعها وأعدادها من أجل منع استغلالها من جهة ومن أجل ألا تكون منافستها للعمالة الوطنية ضارة بالاثنتين معا. وفي الوقت الذي يتمثل فيه اتحادنا في الهيئة ثلاثية الأطراف المسئولة عن تنظيم سوق العمل وكذلك الهيئة الموازية لها ثلاثية الأطراف، فإننا الآن كعمال في موقع المراقب حيث لا يمكن الحكم على هذه الإصلاحات ما لم يتم اختبار تأثيرها ونجاح مشروعها على الأرض»، مبديا «التمسك بمبادئ المشروع الإصلاحي وهي حفظ حقوق العمالة بغض النظر عن أصلها وجنسيتها وتنظيم تدفق العمالة المهاجرة بحيث لا يتم جلبها فقط لمجرد الربح من ورائها من دون وجود حاجة حقيقية تتصل بالإنتاج الاقتصادي والعمل على التدريب المكثف والنوعي للعمالة الوطنية»، داعيا إلى التركيز على استثمار رؤوس الأموال في خلق اقتصاد إنتاجي حقيقي قادر على توفير الوظائف ذات القيمة المضافة العالية».
مجلس أعلى للأجور
ثلاثي الأطراف
وفي موضوع الغلاء والتضخم، قال المحفوظ إنه «يعصف اليوم بمداخيل الملايين من عمال العالم وفي بلادي بدت الأزمة واضحة بالرغم من الجهود التي تبذلها وزارة العمل لزيادة الرواتب في بعض المنشآت في القطاع الخاص بالتعاون مع بعض أصحاب الأعمال إلا أن ذلك لن يحل الإشكال إذا لم يكن هناك قانون يحدد الحد الأدنى للأجر الذي يتناسب مع مستوى المعيشة من خلال وجود مجلس أعلى للأجور ثلاثي الأطراف يقوم بمراجعة الأجور دوريا في ضوء مستوى المعيشة، وهذا ما طالب به اتحادنا ولأكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة ليضمن حياة كريمة للعامل وأسرته».
قلق لعدم وجود قانون للخصخصة
وعلى مستوى العمل النقابي، قدر الأمين العام للاتحاد العام لعمال البحرين ما أطلقه قانون النقابات العمالية من حد أدنى للحريات النقابية. وقال المحفوظ: «إن تعطيل إنشاء النقابات في القطاع العام حتى الآن على رغم مرور ست سنوات على صدور قانون النقابات بل وتعرض بعض نقابيي القطاع العام للتعسف الإداري بالوقف عن العمل وخصم الأجر وخصوصا ما حدث لنقيب البريد ونائبته مثالا لهو أمر لا يقبله اتحادنا، كما يساورنا القلق من توجه الحكومة لخصخصة القطاع الحكومي من دون وجود قانون للخصخصة ودون إشراك الطرف العمالي في الحوار والتفاوض من اجل الوقوف على الانعكاسات والتداعيات المترتبة جراء الخصخصة والحفاظ على حقوق العمال وأن استمرارية عدم السماح بحق التنظيم النقابي في القطاع العام يعني ضياع المزيد من الحقوق في القطاعات التي يجري الآن بصمت العمل على خصخصتها».
وعلى صعيد الممارسة النقابية، أوضح المحفوظ أن «الاتحاد العام حيا عودة بعض النقابيين المفصولين إلى أعمالهم بحكم القضاء تنفيذا للمادة 110 مكرر الصادرة بمرسوم 73 لسنة 2006 والمستحدثة في قانون العمل وبدعم حكومي لهذه العودة، إلا أن بقاء عدد آخر من المفصولين لأسباب تتعلق بنشاطهم النقابي بعيدا عن أعمالهم محرومين من قوت عيالهم لايزال جرحا نازفا في خاصرة الحركة النقابية ونريد ألا يهدأ لمنظمتكم بال دون أن تنصفونا بعودة هؤلاء المفصولين إلى أعمالهم وفتح صفحة جديدة على أسس الحوار الاجتماعي ووضع آلية تفاوض ملزمة لأصحاب العمل تجعل من المفاوضة الجماعية وسيلة لحل الأمور المختلف عليها بين النقابات وأصحاب العمل».
«قانون الإضراب» يتعارض مع مبادئ «العمل الدولية»
واعترض الاتحاد العام على بعض التعديلات الأحادية الجانب التي طالت قانون النقابات رقم 33 لسنة 2002 دون التشاور مع الطرف العمالي ولاسيما تعديل المادة 21 المتعلقة بحق الإضراب والذي أباح للحكومة إصدار قانون بتحريم الإضراب في عدد من المواقع بحجة حيويتها مع أنها تتعارض مع معايير منظمة العمل الدولية المتعلقة بتصنيف الأنشطة الحيوية التي يجوز فيها تقييد حظر الإضراب مع الشروط والضمانات التي نصت عليها مبادئ منظمة العمل الدولية.
وعلى صعيد التشغيل، عبر «الاتحاد العام» عن موقفه من مشروع التشغيل الوطني بالتأكيد على أهمية استمرار المشروع الذي حقق نجاحا في تقليل حجم البطالة وألا يكون وقتيا بل دائما وأن يخلق وظائف قادرة على خلق الاستقرار الوظيفي ببقاء العاطلين المستوعبين في أعمالهم.
«تأمين التعطل» ليس بديلا عن «الشغل»
واتفق المحفوظ مع المدير العام لمؤتمر العمل الدولي في تقريره بشأن التحولات الخطيرة التي دخلت على طبيعة العلاقة بين العامل وصاحب العمل من علاقة العقد المفتوح إلى علاقة العقد محدد المدة أو العلاقة العرضية وهو ما يجعل العامل أكثر عرضة لفقدان أمنه الوظيفي واستغلال حاجته إلى تجديد عقده بفرض مزيد من الأعباء المهنية عليه أو تقييد حرية انتمائه النقابي.
وعلى صعيد التعطل، أيد المحفوظ مشروع التأمين ضد التعطل مع التأكيد على أن هذا المشروع ليس بديلا عن سياسة تشغيل تضمن إتاحة المزيد من فرص العمل التي تستوعب الباحثين عن عمل.
وأبدى المحفوظ «بالغ القلق مما أقدمت عليه شركة البحرين للاتصالات والسلكية (بتلكو) بفصل عشرات العمال بما يناهز 3 في المئة من مجموع القوى العاملة بالشركة كما جاء قرار الشركة متعارضا مع حكم القضاء وفي تحد لدولة المؤسسات واحترام السلطات وخصوصا القضاء، في الوقت الذي تجني فيه الشركة الأرباح الطائله بملايين الدولارات كل عام».
ودعا المحفوظ حكومة مملكة البحرين إلى التدخل الفوري بما تملك من قوة الضغط والتأثير بوقف قرار الفصل وإعادة العمال المفصولين لعملهم.
الدعوة للتصديق على الاتفاقيات الدولية
وقال إن «المدير العام أكد في تقريره أن هذا العام هو عام التصديق على الاتفاقيات الأساسية لحقوق العمال في العمل، ونولي في اتحادنا هذا الأمر الأهمية القصوى حيث ننظر للتصديق على أنه السياج الذي يحمي الوضع العمالي من التراجعات التشريعية مثل ما شهدناه في التعديلات التراجعية لقانون النقابات 33 لسنة 2002 أو ما شهدناه من تراجع في التعديل الأحادي الذي أجراه مجلس التنمية الاقتصادية للمسودة الثلاثية لقانون العمل حيث طالب اتحادنا الحكومة بالتصديق على الاتفاقيات الدولية وأيد توجه السلطة التشريعية حديثا دعوة الحكومة إلى التصديق على هذه الاتفاقيات وخصوصا اتفاقيتي 98 و87 وفي هذا الصدد يرفض اتحادنا مبررات الطرف الحكومي التي يقدمها من أجل عدم الموافقة على التصديق على هذه الاتفاقيات».
التضامن مع عمال فلسطين
ورفع المحفوظ تضامن «الاتحاد العام» مع ما يعاني منه شعب وعمال فلسطين من صعوبات جراء سياسة الكيان الصهيوني الناتجة عن تعطيل وصول أصحاب العمل والعمال إلى مواقع عملهم وبالتالي وقف قيامهم بأي عمل، ما يجعل من هؤلاء فريسة الفقر والحرمان، مطالبا المؤتمر بأن «يدين هذا القمع الاقتصادي الذي يتوازى مع القمع السياسي والاجتماعي والثقافي لشعب عاش مأساة هي الأطول في تاريخ البشرية وآن لها أن تنتهي بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة يمارس فيها شعب فلسطين سيادته الوطنية على أرضه ويكون له الحق في الحياة وبناء الذات وصناعة حاضره ومستقبله كأي شعب آخر».
العدد 2107 - الخميس 12 يونيو 2008م الموافق 07 جمادى الآخرة 1429هـ