العدد 2301 - الثلثاء 23 ديسمبر 2008م الموافق 24 ذي الحجة 1429هـ

طعم الإنجاز في حلاوته

محمد مهدي mohd.mahdi [at] alwasatnews.com

رياضة

صورة رائعة أبرزها المنتخب الوطني للكرة الطائرة في مبارياته بالدورة العربية التي اختتمت أمس على أرض الوطن، امتزجت فيها كل أصناف الولاء والمحبة لهذا البلد، فبينما بدت الدهشة والضحك يملآن أنظار الحضور الغفير الذي شهد مباراة منتخبنا الوطني للكرة الطائرة أمس الأول مع منتخب قطر، وهو يشاهد منتخبنا بنجومه يصارع منتخبا من مختلف الجنسيات، فهناك الصومالي والسوداني والجزائري والفلسطيني واللبناني، كانت العلامة الأبرز صفوف منتخبنا الذي كان أصيلا ومثاليا في روحه وتفانيه العاليين اللذين برهنا على القدرات العالية التي يمتلكها اللاعب البحريني.

المنظر الجميل الذي شهدته صالة مركز الشباب وهو يحتضن الجماهير الغفيرة التي جاءت لتشجع منتخبها، وسط معاناة الظفر بالنقاط وصعوبة تحقيقها في مباراتيه مع قطر وتونس أمس، والروح العالية المتفانية من اللاعبين أنفسهم، وخصوصا بعد خسارتهم الشوط الأول أمام قطر، جعل الكثير ممن شاهد المباراة يحلم بهذه المناظر التي تؤكد أن البحرين بخير، وأنها لوحدها قادرة على الوقوف في وجه أعتى المنتخبات، من دون الحاجة إلى إدخال أياد خارجية تساعدنا على الفوز بالبطولات.

يوما بعد يوم نكتشف أن البحرين تعد من أبرز الدول الخليجية التي تزخر بالمواهب الرياضية التي لو تحصّلت على قليل من الرعاية لوصلت إلى العالمية، ليس فقط في الألعاب الفردية كما يتصور البعض لسهولتها، وإنما أيضا الألعاب الجماعية التي برهنت خلال أقل من شهور، أن البحرين زاخرة بمن هو قادر على رفع راية الوطن عالية من دون اللجوء إلى أساليب أخرى كالتجنيس الرياضي.

إن ما أحدثه منتخب الكرة الطائرة في البطولة العربية الحالية وقبله منتخب اليد للناشئين في بطولة المدارس العربية، وأيضا منتخب كمال الأجسام دليل قاطع على أن الألعاب الجماعية التي كان يراها البعض غير قادرة على العطاء في البطولات الخارجية، أضحت بقوة وعزيمة رجالها وشبابها إحدى الألعاب التي تمكن من خلالها لاعبونا أن يضعوا العلم البحريني في مصاف الأبطال، ويجعلوا الجميع يحسب للبحرين ألف حساب، ولكن نقول من جديد بشرطها وشروطها.

وعندما نأتي إلى دراسة هذه الشروط، نجد أننا غير قادرين على تحقيقها في ظل النظرة العكسية التي ينظر من خلالها مسئولو الرياضة في البحرين، وأول هذه الشروط هي زرع الثقة باللاعبين المواطنين وهي المفقودة تماما مع لاعبين كهؤلاء، وثانيها إعطاؤهم الاهتمام الكافي وصقلهم بالشكل الصحيح من أجل أن تزهر في المستقبل كما هي النخلة التي تحتاج إلى الرعاية منذ زرعها في التراب حتى تكبر وتعطي حصادها لنا.

من يرى الفرحة العارمة التي كان عليها الجمهور في صالة مركز الشباب، يتذكر الأيام الخوالي التي كان عليها منتخب كرة القدم أيام كأس آسيا في الصين العام 2004 وفيها دخلت الفرحة شفاه الجميع من دون استثناء.

هذه الفرحة لم تأت بها أيدي المجنسين الذين أخذوا الخيرات ولم يجلبوا الغنائم، وإنما من سافر وغادر البلاد وترك الأحباب من أجل البلد وجاءوا بالخيرات حين أحرزوا الميداليات الذهبية وسط عمالقة اللعبة.

من يرى كيف بكى اللاعبون بعد فوزهم بالميدالية الذهبية، يعرف كيف يحس المواطن بطعم الإنجاز ويعرف كيف يكون الفخر في رفع علم بلاده إلى الأعلى، من يرى تلك الدموع الغزيرة التي انهمرت من أعين الجماهير، سيجزم أن الإنجاز له طعم آخر لن يحس به غير المواطن الغيور على بلده!

أثبت هؤلاء الأبطال أنه لا مجال لنا أن نفكر في ما يسمى بالتجنيس الرياضي من أجل الوصول إلى القمة؛ لأن القمة أصبحت أحلى وأزهى عندما يكون عليها اللاعب المواطن، هؤلاء أثبتوا أن اللاعب البحريني لديه من الإمكانات الكثيرة التي تحتاج فقط إلى الدعم اللامحدود ليحقق الإنجاز الذي عجز عنه من ليس له صلة أصلا بكيان هذا البلد.

ما نطلبه نحن وجميع المواطنين أن تقف الدولة ومسئولوها مع أبطالنا المواطنين، وأن يقدموا كل ما هو دعم لهؤلاء الذين يرفعون علم البحرين عاليا خفاقا في المحافل العالمية كافة، فهم عماد ومستقبل هذا البلد ومن دونهم لن يكون للإنجاز طعمه.

إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"

العدد 2301 - الثلثاء 23 ديسمبر 2008م الموافق 24 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً