العدد 2107 - الخميس 12 يونيو 2008م الموافق 07 جمادى الآخرة 1429هـ

العلاقات الإسرائيلية الأميركية: ما قيمة مسافة قصيرة بين الأصدقاء؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يتعلم جورج دبليو بوش أن كونك صديقا لـ «إسرائيل» لا يعني بالضرورة أن «إسرائيل» تتوافق مع سياساتك. بعد أيام قليلة من تشبيه الرئيس الأميركي هؤلاء الذين يشجعون مخاطبة «الأصوليين والإرهابيين» بالذين يسترضون ألمانيا النازية، اعترفت «إسرائيل» علنا أنها كانت ومازالت تتكلم بشكل غير مباشر مع سورية، الدولة التي يعتبرها الرئيس بوش جزءا من «محور الشر». وكأنما لم يكن ذلك كافيا لواشنطن، اتبعت «إسرائيل» ذلك بإعلان مفاده أن تقدما جرى تحقيقه في الاتصالات مع حزب الله فيما يتعلق بإطلاق سراح جنديين أسيرين منذ حرب العام 2006 بين «إسرائيل» وحزب الله. (توقع إعلانا آخر قريبا يتعلق بمحادثات مع حماس حول عقد هدنة).

بعكس الحكمة السائدة، هناك فسحة أوسع مما يظن المرء في العلاقات بين «إسرائيل» والولايات المتحدة. فالمكان الذي يتم فيه رسم الخطوط الحمراء يعتمد على من هم قادة كل من الدولتين.

يشكل القول بأن أحداث الشرق الأوسط لم تعكس النجاح في حرب السيد بوش على الإرهاب وأجندته في إدخال الديمقراطية استهانة وتخفيضا لواقع الأمر. بالنسبة ألى «إسرائيل» شكل هذان المبدآن السياسيان ضوءا أحمر على المحادثات مع سورية والتي انتهت دون نتيجة عام 2000، والذي يرغب إيهود أولمرت في إعادة إحيائها. ولكن في اللحظة التي تقدمت فيها اتصالات الطرفين غير المباشرة في أنقرة وأصبحت زيارات متزامنة بدلا من زيارات متتابعة للوفود، طالبت سورية بالإعلان عن المحادثات السورية الإسرائيلية. ولكن أولمرت أخبر بوش أنه على استعداد لتحمل الثمن السياسي مهما كانت النتائج. أجابه بوش «إفعل ما شئت». وكانت الإيماءة كافية للزعيم الإسرائيلي. ليس بوش أول رئيس للولايات المتحدة يصاب بالاستغراب من قبل «إسرائيل» بهذه الطريقة. في العام 1993 انكشفت محادثات «إسرائيل» مع منظمة التحرير الفلسطينية في أوسلو بينما كانت محادثات مدريد برعاية الولايات المتحدة جارية. في العام 1977 بدأت المحادثات المصرية الإسرائيلية بشكل نشط لتجنب مبادرة أميركية سوفياتية شعرت «إسرائيل» أنها ستكون معادية لمصالحها. في كلا الحالتين كانت هناك حاجة للولايات المتحدة لتحقيق الصفقة، ولكنها أتت إلى الطاولة بعد أن نضجت العملية بين الأطراف.

بالنسبة إلى الولايات المتحدة فإن مصالحها الإقليمية لا تتناسق دائما مع تصرفات «إسرائيل»، وقد تصرفت حسب ذلك. في المراحل النهائية لحرب يوم الغفران العام 1973 وعندما كانت «إسرائيل» على استعداد لمحاصرة الجيش الثالث والوصول إلى القاهرة، أوقف الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر تقدم القوات الإسرائيلية، الأمر الذي سمح للرئيس المصري أن يحفظ ماء وجهه حتى في الهزيمة (وقد شكل ذلك عاملا رئيسيا في المحادثات المصرية الإسرائيلية بعد أربع سنوات). بعد ذلك، وأثناء حرب الخليج العام 1991، حذرت واشنطن «إسرائيل» من التدخل رغم معاناتها من ضربات مباشرة من صواريخ سكود العراقية، لأن تدخلها كان سيشقّ التحالف الأميركي العربي ضد العراق. في كلا الحالتين، صمد رؤساء وزراء «إسرائيل»، غولدا مئير وإسحاق شامير أمام الانتقادات العامة ولكنهما لم يعارضا الولايات المتحدة. وفي كلا الحالتين أيضا تمخضت عن قراراتهما مكاسب استراتيجية لـ «إسرائيل».

ولكن حالة سورية معقدة بشكل خاص. تعتبر إدارة الرئيس بوش أن سورية تنشط في لبنان بشكل غير مرغوب فيه، وبأنها مرتبطة بشكل لا يترك مجالا للشك مع إيران وتطالب دونما تبرير بأن تؤدي المحادثات مع «إسرائيل» إلى محادثات مع الولايات المتحدة. وبينما يرى المفاوض الأميركي السابق دنيس روس أن المفاوضات مع عدو مناوئ هي وسيلة محاولة تغيير سلوك مهدِّد، فإن الرئيس بوش يرى غير ذلك. تعتبر محادثات كهذه بالنسبة إلى مسئوليه مكافأة يجب ألا تأتي حتى يتغير سلوك سورية.

أما بالنسبة إلى سورية فقد أجرى أولمرت التحول؛ إذ قال الأسبوع قبل الماضي: «من الأفضل في هذا الوضع أن نتحدث بدلا من أن نطلق النار». يعلم أولمرت أن المشاركة الأميركية الفاعلة ضرورية حتى يتسنى للمحادثات أن تكون بنّاءة، ولكن حساباته تشير إلى أن ذلك يمكن أن ينتظر قدوم الإدارة الجديدة.

لدى «إسرائيل» بالطبع تعقيداتها الخاصة. بعكس الضفة الغربية حيث غالبية الإسرائيليين على استعداد للتنازل عن معظم المناطق المحتلة من أجل السلام، عندما يعود الأمر إلى مرتفعات الجولان فإن العكس هو الصحيح.

يعتمد أولمرت على حقيقة أن صفقة سلام جادة سوف تعكس هذا المد، ولكنه قد لا يملك الوقت. وهو يصارع مطالب بتنحيته من قبل شركائه في التحالف وكذلك من معارضيه حول ادعاءات بأنه تسلم أموالا لحملته الانتخابية بشكل غير قانوني. يشك الإسرائيليون في أنه يلعب الأجندتين ضد بعضهما بعضا. ولماذا لا يفعل ذلك؟ لقد رأوا ذلك من قبل: في العام 2005 أعلن أرييل شارون خطوته الشجاعة بفك الارتباط مع غزة في الوقت نفسه الذي كانت الشرطة تحقق في سوء إداراته المالية لحملاته الانتخابية.

رغم ذلك، وحتى لو أُجبر على الاستقالة مبكرا فإن أولمرت يقوم، من خلال التفاوض مع سورية، بوضع عتبة جديدة لكل من الرئيس الأميركي المقبل وخليفته في القدس.

أدى دعم بوش الذي لا يموت لـ «إسرائيل» لأن يوصَف بأنه «أفضل صديق لـ «إسرائيل» في التاريخ». من سخريات القدر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي هو الذي اضطر لأن يوجد مسافة إضافية بينهما.

* كاتبة مقال في «The Globe and Mail» الكندية، وتوزّع وقتها بين تورنتو وتل أبيب، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2107 - الخميس 12 يونيو 2008م الموافق 07 جمادى الآخرة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً