دافعت الولايات المتحدة عن نفسها من الاتهامات بأن قواتها قتلت 11 من الجنود الباكستانيين في حادث الأربعاء الماضي الذي بدا أنه يهدّد بتدهور العلاقات المتوترة بين واشنطن وحليفتها في الحرب على الإرهاب.
وأقرت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان بأنها شنت غارة جوية في باكستان الأربعاء، إلا أنها زعمت أنها استهدفت مسلحين وليس الجنود الباكستانيين - وان ردها جرى بالتنسيق مع باكستان.
وبثّت اليوم شريط فيديو لأربع ضربات «دقيقة» استهدفت على حدّ قوله «عناصر معادية للأفغان» في باكستان ليل الثلثاء الأربعاء، في وقت تتهمها إسلام آباد بقتل 11 من جنودها.
وفي الصور التي بثها الائتلاف أمس (الخميس) وصورتها طائرة من دون طيار، تظهر بوضوح أربع قذائف أو صواريخ تصفها أصوات بأنها «ذخائر دقيقة موجهة» تصيب مجموعة من سبعة رجال يعرف عنهم على أنهم «عناصر معادية للأفغان».
ويأتي الحادث، الأسوأ من نوعه منذ انضمام باكستان «للحرب على الإرهاب» في 2001، وسط تزايد التوتر في واشنطن وكابول بشأن جهود الحكومة الباكستانية الجديدة إجراء مفاوضات سلام مع مسلحي «طالبان» في المنطقة الحدودية.
وفي بيان قاس غير معهود أدان الجيش الباكستاني الضربة الجوية «غير المبررة والجبانة». وأدان المتحدث باسم الجيش هذا العمل الجبان وغير المبرر على موقع قوات الحدود ويأسف لفقدان أرواح جنودنا الغالية»، مؤكدا أن «الجيش قدم احتجاجا قويا ونحتفظ بالحق في حماية مواطنينا وجنودنا من أي عدوان».
ونقل بيان عن المتحدث قوله إن «الحادث ضرب أسس التعاون والتضحية التي يقدمها الجنود الباكستانيون لدعم التحالف في الحرب ضد الإرهاب».
وأعرب بروس ريديل المحلل البارز في معهد بروكنغز والضابط السابق في وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أيه) والمستشار السابق لثلاثة رؤساء أميركيين في شئون جنوب آسيا، عن قلقه من انعكاسات الحادث. وصرح لوكالة فرانس برس «التوقيت سيئ للغاية».
وأوضح «في الوقت الذي يتجه النزاع الداخلي في باكستان لتحديد مصير الرئيس الباكستاني برويز مشرف إلى ذروته، وتتسم علاقاتنا مع الحكام الجدد بالتوتر الشديد، يقع حادث كبير على الحدود يقتل فيه جنود باكستانيون». وقال «مهما كان الضغط الذي تمارسه باكستان على القاعدة صغيرا، فمن المرجح أن يصبح أقل». وقال المحلل في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ريك بارتون إنه «يجب تشجيع الحكومة الجديدة (...) عندما ترتكب الولايات المتحدة أخطاء من هذا النوع فإن ذلك يسبب ضغوطا، وسينتج عنه انعدام استقرار».
وفي واشنطن، حاول المتحدث باسم «البنتاغون» جيف موريل استرضاء باكستان التي قال إن بلاده ترتبط معها بعلاقات «مهمة للغاية»، إلا أنه دافع عن العمليات العسكرية الأميركية ورفض تأكيد مقتل الجنود الباكستانيين.
وقال موريل خلال مؤتمر صحافي «على رغم أن الوقت مازال مبكرا، إلا أن كل المعطيات التي في حوزتنا تفيد أنها كانت ضربة مشروعة في إطار الدفاع عن النفس ضد قوى هاجمت قوات الائتلاف».
وأوضح المتحدث باسم الخارجية الأميركية غونزالو غاليغوس «أرغب في أن أوضح أننا نشعر بالحزن للمعلومات التي تحدثت عن خسائر في الأرواح البشرية. إلا أن قواتنا كانت تقوم بالدفاع عن نفسها حيال عمل معاد، وهذا من حقهم القيام به».
وأضاف غاليغوس أن السفيرة الأميركية في إسلام آباد آن باترسون التقت وكيل وزارة الخارجية الباكستانية سلمان بشير «لمناقشة الحادث»، ولم يقدم مزيدا من التفاصيل.
وذكرت وكالة «اسوشييتد برس» الباكستانية أن بشير أعرب للسفيرة عن «استياء الحكومة». وقال بشير لباترسون إن «باكستان تدين بشدة الغارة الجوية التي شنتها قوات التحالف المتمركزة في أفغانستان على موقع قوات الحدود الباكستانية في غورا باري في إقليم مهمند».
وأضاف أن «الهجوم غير مبرر وانتهاك صارخ للحدود الدولية بين باكستان وأفغانستان». وقال إن «الاستخدام غير المبرر لقوات التحالف للقوة الجوية ضد مركز حدودي باكستاني أمر غير مقبول بتاتا. إنه يشكل إنكارا فاضحا ومتعمدا للتضحيات الجسام التي قدمتها باكستان من أجل مكافحة الإرهاب».
ونقل التلفزيون الحكومي عن رئيس مجلس الشيوخ رضا رباني قوله إن وزير الخارجية شاه محمود قريشي سيبحث المسألة خلال اجتماع في باريس مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس.
العدد 2107 - الخميس 12 يونيو 2008م الموافق 07 جمادى الآخرة 1429هـ