جميعا يعلم بانّ لكل موضوع ولكل محور نقاشيا هناك المؤيّد وهناك المعارض
فيجب تقبل الرأي والرأي الآخر وذلك للخروج بموضوع متكامل ومتزن
لأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.
قبل أيام قليلة مضت، كنت في السيارة أستمع إلى برنامج حواري عبر إذاعة «بي بي سي» وكان الموضوع يناقش قضية «موضة فرض قانون الطوارئ في دول العالم»، وكالعادة استضاف مقدّم البرنامج عبر الهاتف شخصان إحداهما مؤيّد والآخر معارض ليوضح كل منهما رأيهما في الموضوع.
الشخص المؤيّد كان فتاة جامعية من مصر، أمّا الآخر فكان شاب يمني مقيم في البحرين... الأخت من مصر عبّرت عن رفضها للعمل بقانون الطوارئ مستعرضة دلائل وحقائق، كذلك أتت بقصص من واقع الحياة المصرية، مشيرة إلى أنّ طبيعة الحياة والأحداث في بلاده لا تستدعي قانون الطوارئ، بينما قد يختلف هذا الموضوع بين بلد وآخر.
أمّا الأخ اليمني فقد طالب بأنْ يفرض قانون الطوارئ في بلداننا العربية، بحكم أنّ هناك إرهابا وأطماع من دول مجاورة، بينما لم يأتي بدليل ملموس، وإنما كان يقذف كلمات في بعض الأحيان جارحة لصاحبة الرأي المعارض لدرجة أنه اتهمها بأنها متخلفة وكاذبة.
واصل الأخ المؤيد لقانون الطوارئ تجريحه واتهاماته التي ليس لها منطق للدفاع عن رأيه، فما كان من مقدم البرنامج إلا أن طلب منه احترام رأي المشاركة، وإلاّ فإنه لن يسمح له بمواصلة الدفاع عن رأيه. وفي مقابل كل تلك التجريحات ظلت الأخت المعارضة مستمعة للرأي الآخر دون أن تتفوّه بكلمة واحدة جارحة له، بينما كانت تأخذ من كلماته لترد عليه برد منطقي وواع.
جميع المتصلين كانوا من مؤيّدي الأخت المعارضة، بينما لم يتصل أحد مؤيدا للأخ المؤيد لقانون الطوارئ، فقد برر أحدهم تأييده للفتاة المعارضة، بقوله: أنا مقتنعة بضرورة فرض قانون الطوارئ، ولكنني اليوم أرفضه دعما للأخت في مصر... وأقول لأخ في اليمن أنّ من أهم صفات العاقل بأن أذنيه طويلتان ولسانه قصير، كما أنّ من كثر نزاعه بالجهل، دام عماه عن الحق».
اختتم مقدّم البرنامج الحلقة باستخدام عبارات المتصل الأخيرة، فكنت فرحة لأنني تعلمت في النهاية فعلا بان: «العاقل أذناه طويلتان ولسانه قصير».
العدد 2106 - الأربعاء 11 يونيو 2008م الموافق 06 جمادى الآخرة 1429هـ