أول الكلام، يروي أحد الأصدقاء طرفة عن أحد الشعراء العرب الذي استضافته المنامة في إحدى الفعاليات الثقافية مطلع العام الجاري. زائرنا الكبير قبل مجيئه البحرين كانت له زيارة خاطفة لدبي، وحين وصل إلى المطار سارع خطواته الثقيلة إلى دورة المياه ليرمي بشنطة ملابسه الفارغة مدعيا لمضيفيه أنه تعرض للسرقة. ولأن العرب لهم خصوصيات في فنون الاستضافة، صدرت أوامر مباشرة بنقل الضيف إلى أحد أرقى المحلات التجارية في دبي؛ ليبتاع منها خمسة أطقم كاملة مع مستلزماتها!
إن أكثر ما يجعل الصحافي المشتغل في الثقافة مستسلما لحالة من اليأس الممزوجة بأقسى لحظات القهر هو أن يستعد لتغطية محاضرة ثقافية يلقيها ضيف من ضيوف الثقافة في البحرين فينتهي عند ضيف أتى وهو مستعد لكل شيء؛ للانتقال عبر الدرجة الأولى في الطائرة/ للإقامة في فندق من فئة خمس نجوم وتناول وجباته الثلاث بشراهة/ لقبول الدعوات من هذه الشخصية أو تلك احتفاء بزيارته البحرين، ما خلا أنه لم يكن مستعدا للحديث عن الثقافة!
«أن نرقص بارتباك أفضل من أن نعرج» كما يقول نيتشه، وهو ما يجعلنا ندعو المؤسسات الثقافية الحكومية والخاصة كافة إلى أن تحترم الجمهور في برامج الاستضافة التي تعدها وتدعو الجمهور لحضورها والتفاعل معها.
الذي نحتاج إليه هو أن نستضيف من لديه القابلية للجلوس على طاولة الحوار والمناقشة، ومن لديه استعداد لأن يتخلى عن كرسي الأستاذية ومنصتها ليفيد فعلا ويستفيد. وما خلا أن تتمخض تلك الزيارات عن ورش عمل تشاركية بين المثقفين والمبدعين البحرينيين وهؤلاء الضيوف، فإن إضافة ثقافية لن تتحقق، وهو ما يجعلنا نتساءل عن تلك الآلاف من الدنانير التي تضيع سدى على برامج استضافة للمتردية والنطيحة من الأعارب.
العدد 2106 - الأربعاء 11 يونيو 2008م الموافق 06 جمادى الآخرة 1429هـ