معلومة ليست بجديدة علينا، فهل يعقل أن نرى الهامور وهو يتمشى خارج البحر متبخترا كما يفعل بين الأسماك الصغيرة التي لا حول لها ولا قوة؟ طبعا لا، وإن قدر لهامور أن «يتفلسف» ويقرر الهروب إلى الساحل تحت ضوء الشمس أو حتى في المياه الضحلة كما تفعل «الحراسين» فإن مصيره كمصير «القباقب» التي تتهافت عليها أيدي الصغار فلا يتركونه إلا منتحرا أو بلا رجلين ليعيش ساعات قليلة حياة مريرة.
وهذا ينطبق وبشكل كبير على بعض الهوامير لدينا، فترى باله لا يهدأ ولا يمكنه أن يهنأ من دون أن يحصل على مساحات شاسعة من البحر، والفرق بين هوامير الأسماك وهوامير الأوادم أن الأخيرة تبغي البحر مدفونا بلا مياه وتطرد منه بقية الأسماك الصغيرة التي لا تشكل بالنسبة إليها أرقاما على الخريطة، وحتى لو طالبت بمرفأ بسيط لا يشكل أية مساحة قياسا بالمساحات الهائلة التي ستدفن في عرض البحر وتسجل في النهاية باسم ذاك الهامور، ولا أدري هل امتلكها بعرق جبينه أم أنها تحولت إليه بمسحة نبي على ورق!
دعونا نعود إلى الهوامير قليلا، فالمعروف عن البحارة أن صيد الهامور ليس كسائره من السمك، فهو سمكة عنيدة لا تترك زمام الأمور بسهولة ولها من الدهاء بما يفوق بعض أنواع الأسماك، ولكنها في النهاية سمكة لا يمكنها أن تخدع البحار المتمرس. بالنسبة إلى هواميرنا فإن البحارة لم يستطيعوا حتى الآن معرفة الطريقة لاصطيادها لأن شباك القانون لا تطالها حتى لو تحولت إلى الشباك «الإسرائيلية» التي لا تبق ولا تذر سهلا ولا مرتفعا في البحر إلا خربته، إلا أنها لا تطال هوامير البحرين!
وقد يسأل سائل: ما العمل الآن؟ وماذا عن السواحل التي انتهبت وذهبت في جيوب المتنفذين؟ الجواب بسيط، فالبحارة لا يمكنهم أن يشكلوا رقما في دخل البحرين حاليا، ولذلك عليهم أن يجروا أذيالهم خارج البحر ويبحثوا عن عمل آخر لأن البحرين تسير في اتجاهات العمارات والمشاريع الاستثمارية التجارية التي تدر أموالا طائلة، وماذا ستحصل الدولة من كيلو صافي أو ثلاجة شعري؟ وهناك أمر آخر، فبعض السواحل تحولت إلى استثمار بحد ذاتها، وليس هناك من داع للبناء فيها للحصول على المدخول السريع المضمون، فسعر القدم في سواحل كرباباد مثلا وصل إلى 250 دينارا، وهو بالتالي فرصة لا تعوض للحصول على ملايين أو مليارات وخصوصا أن هناك مخططات لم تبدأ بعد للوصول بالدفان إلى ملايين الأمتار داخل عرض البحر، وبالتالي فإن وجود السمك الصغير كالحراسين وغيرها بات أمرا غير محبب، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وليس بغريب أن نسمع في نشرة أخبار تلفزيون البحرين قريبا: انتقل إلى رحمة الله ساحل كرباباد!
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 2105 - الثلثاء 10 يونيو 2008م الموافق 05 جمادى الآخرة 1429هـ